إب… نضال من أجل ماء الشرب

عبد الله علي

©YCS - Poto: Hassan Damaj
معاناة اليمنيين في الحصول على ماء الشرب، لاسيما في محافظة إب، فهذا ما خلفته الحرب من أضرار عميقة. تقرير ل: عبدالله علي

معاناة اليمنيين في الحصول على ماء الشرب، لاسيما في محافظة إب
©YCS – Poto: Hassan Damaj


يصل أحمد ناجي إلى منبع للمياه الطبيعية قبل شروق الشمس.. ليفاجئ بالكثير الذين يتكدسون هناك بغية الحصول على المياه الصالحة للشرب.. يقطع أحمد مسافة طويلة سيرًا على أقدامه.. إلا أنه في كثير من الأحيان يعود خالي الوفاض.. إذ يتوقف النبع بعد فترة وجيزة، ولا يعود سوى اليوم التالي.

على بُعد مسافات طويلة من قرية (سَنب) الواقعة في مديرية السياني بمحافظة إب (وسط اليمن).. يتجمع العشرات من المواطنين بينهم أطفال ونساء أمام منبع للمياه (عين طبيعية).. أملا في الحصول على الماء في مشهد يومي يعكس حجم الكارثة.. التي يعاني منها المواطنين نتيجة انقطاع مشروع المياه الحكومي.

إلى جانب صعوبة تأمين متطلبات الحياة اليومية يعاني المواطنون في ريف محافظة إب.. من صعوبة الحصول على المياه بشكل عام والمياه الصالحة للشرب على وجه الخصوص.. بالإضافة إلى توقف مشروع المياه الحكومي عن غالبية المناطق الريفية منذ اندلاع الحرب في اليمن.



أزمة الوقود وارتفاع أسعار المياه في إب

الكثير من المحافظات تعاني من أزمة وقود خانقة.. وخلال الفترة الماضية تضاعفت الأزمة بشكل غير مسبوق في محافظة إب.. وكانت لها انعكاسات سلبية على مختلف مجالات الحياة.. وتضاعفت أسعار صهاريج المياه إلى أضعاف ما كانت عليه سابقا.

ومع استمرار أزمة الوقود فإن شريحة كبيرة من سكان المناطق الريفية.. غير قادرون على شراء المياه نظرا لارتفاع أسعارها مقارنة بدخل المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.. خصوصا في ظل انعدام فرص العمل، وانقطاع الرواتب الحكومية منذ نحو أكثر من أربع سنوات.

يقول سكان بريف إب بأن تكلفة صهاريج المياه وصل ببعض المناطق الريفية.. التي تبعد مسافات قصيرة عن المدنية إلى نحو 30 ألف ريال يمني.. (أي ما يعادل نحو 50 دولار أمريكي بسعر صنعاء).. بينما وصلت ببعض المناطق البعيدة إلى الضعف.. في ظل عدم مقدرة غالبية السكان على تحمل هذه التكلفة.

وبالنسبة لهذه الأسعار فهي للمياه العادية التي تستخدم للغسيل والاغراض الأخرى اليومية للسكان.. فيما يختلف الوضع فيما يخص المياه الصالحة للشرب.. فهي معاناة أخرى حيث يعتمد السكان في الريف عن العيون الطبيعة النقية.. لكنها ليست متوفرة في غالبية المناطق والتجمعات السكنية.


انقطاع شبكة المياه الحكومية في إب

وتسببت الحرب بانقطاع شبكات المياه الحكومية.. في العديد من المحافظات والمدن وعلى وجه الخصوص في المناطق الريفية.. حيث أدى الإهمال وارتفاع أسعار مادة الديزل إلى انقطاع شبكات المياه المتواجدة في غالبية المديريات بريف إب خلال السنوات الماضية.. ومازالت مستمرة حيث عادت بشكل جزئي في المدن الرئيسية.

لا تكترث السلطات في محافظة إب لصيانة شبكة المياه وإعادة تشغليها، في الوقت التي تبرز عوائق أمامها أيضا، وأرجع مسؤول حكومي سابق في مؤسسة المياه في المحافظة السبب في توقف شبكات المياه عن معظم المديريات والمناطق الريفية إلى “الإهمال المتعاقب من قبل الجهات الحكومية بالإضافة إلى المشاكل الإدارية في إدارة المشاريع، والفساد المالي”.

وأضاف المسؤول – الذي طلب عدم الكشف عن هويته – “بأن غالبية المسؤولين في مشاريع المياه بالمحافظة يحاولون الثراء على حساب المواطنين في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الريفي أوضاع إنسانية قاسية بفعل الحرب المدمرة”.

وفيما يتعلق بمشاريع المياه التابعة لمستثمرين في المحافظة توقفت بعضها نتيجة لتراكم الديون لدى المواطنين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن سداد فاتورة المياه بعد أن أثقلت كاهلهم تبعات الحرب وأصبحوا غير قادرين على توفير لقمة العيش لأفراد أسرهم في بلد تعصف به الحرب منذ سنوات.

ويعتمد غالبية سكان المناطق الريفية على مياه الأمطار الموسمية ومع تراجع كمية هطول الأمطار خلال السنوات الماضية تضاعفت معاناة المواطنين خصوصا في المناطق الجبلية التي تبعد مسافات طويلة عن آبار المياه.

وبصرف النظر عن نسبة الاعتماد على مياه الأمطار فإن المخاوف ماتزال حاضرة بين أوساط المواطنين من انتشار بعض الأمراض مثل “البلهارسيا” وحمى الضنك، والكوليرا وغيرها من الأمراض الناجمة عن تلوث المياه خصوصا وأن غالبية سكان المناطق الريفية يفتقرون إلى أبسط الأشياء التي من شأنها تعقيم وحفظ المياه من التلوث.

في العام 2019 كانت المناطق الريفية بمحافظة إب من أكثر الأماكن تضررا من تفشي وباء الكوليرا التي حصدت أرواح العشرات من المواطنين في مديريات مختلفة من ريف المدنية كان من أبرزها العدين، والسبرة، والسياني، في ظل تردى الأوضاع الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية في المحافظة.


اقرأ أيضًا: عنب اليمن.. قصة آلهة


صعوبة الوقاية من الأوبئة

منذ بدء تفشي فيروس كورونا منتصف العام الماضي يخشى المواطنون في ريف إب من انتشار فيروس كورونا في ظل بيئة صحية تفتقر إلى أبسط المقومات للحياة ومن ضمنها “الماء”، ناهيك عن توفر المراكز صحية.

وفي ظل أزمة المياه يتساءل المواطنون في ريف إب عن الطريقة التي يستطيعون من خلالها حماية أنفسهم من الإصابة بالفيروس في ظل شح المياه التي لا تكاد تكفي لغسل الأيدي وللقيام بأبسط أساسيات النظافة.

ومع استمرار إعلان السلطات الصحية في الحكومة المتعرف بها دوليا عن تسجيل إصابات جديدة بفيروس كورونا في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، فإن المخاوف لدى سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تتضاعف خصوصا في المناطق الريفية التي تعاني من شح المياه وصعوبة الحصول على مياه الشرب والاستخدام المنزلي منذ سنوات.

ولعل أساس المشكلة التي فاقت معاناة المواطنين وتسببت بحرمان مئات المواطنين من الحصول على المياه الصالحة للشرب هو استمرار الحرب في اليمن التي كانت لها انعكاسات سلبية على مختلف جوانب حياة المواطنين.

وفقاً لتقدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) فإن نحو 16 مليون يمني، لا يحصلون على المياه النظيفة، وتعاني البلاد من محدودية الوصول إلى المياه حتى قبل الأزمة التي تعيشها البلاد، إذ أن وصول السكان إلى المياه النظيفة بلغ 51 بالمائة، وهي النسبة التي انخفضت في ظل الحرب.


 

تعليق 1
  1. موسى محمد يقول

    مقاله في غاية الاهميه وملامسه معانة الموطن اليمني من شحة المياه في شتاء ارياف المحافظه فحوالي لايقل عن ٣مليون موطن يعانون من قلة المياه في شتاء ارياف المحافظه

التعليقات مغلقة.