الأئمة الجدد.. سلطات الأمر الواقع تتحكم في خطباء المساجد

يتحفظ الكاتب على اسمه ويستخدم: أكرم عبدالرحمن

الغلاف

سلطات الأمر الواقع تتحكم في خطباء المساجد

 

“استبدلوني بأحد أتباعهم” بصوت مخنوق شكا الحاج سعيد (52 عامًا) إقدام الحوثيون على عزله من الإمامة من مسجده في صنعاء. قال بألم: “استبدلوني بخطيب لا يعرف شيء عن الخطابة، فقط يجيد الشتم واللعن وإطلاق الصرخة عقب الصوات”!

 

الأئمة الجدد.. سلطات الأمر الواقع تتحكم في خطباء المساجد

 

والمنبر للحاج سعيد – اسم مستعار؛ ليس مجرد مكان عمل، بل انتماءه للدور الذي يلعبه في تعريف الناس بالهدي النبوي. يضبط من خلاله إيقاع حياتهم على النغمات الهادئة والمُحبة والداعية للسلام والتعايش. هذا بالذات كان سبب منعه من الإمامة في المسجد. وقد اتهم جماعة الحوثي بتعيين أئمة تابعين لهم ليقوموا بمهمة فرض شعارهم الداعي للموت.

يقول: “الحوثيون يبحثون عن الطائفيين، بغض النظر عن ثقافتهم الدينية”. ويؤكد: “يفرضون سياستهم من أجل التعبئة، ولأننا رفضنا هذه الاملاءات، قاموا بعزلنا واستبدالنا برمشة عين”.

والحاج سعيد لم يكن الوحيد الذي تعرض للاستبعاد من إمامة المسجد، فقبل سيطرة الحوثيين على صنعاء، كان محمد طاهر (46 سنة) خطيبًا لأحد المساجد في صنعاء، لكن بعد ذلك ناله ذات الاستبدال.

كان محمد طاهر قد دعا، خلال صلاة جمعة، للعميد حميد القشيبي الذي كان يقود معركة على الحوثيين في عمران انتهت بمقتله في معركة عمران 2014 بعد اقتحام مقر اللواء 310 مدرع الذي كان يقوده القشيبي. أدى استبداله وتهديده بالتصفية، ثم لوحق وتعرض منزله للاقتحام والتفتيش وتهشيم زجاج النوافذ أثناء إلقائه إحدى خطب الجمعة، أدت إلى ترويع أفراد أسرته.

 

مسلحون في مهمة استبدال خطباء المساجد

“أنا عبدالله السعيدي، خطيب مسجد الخير.. جاؤوا إليّ بأسلحتهم، وأخبروني بأن المسجد أصبح في حوزتهم، وأنّ هناك خطيب بديل”.

 

 

في منشور على الفيس بوك، وبعد سقوط صنعاء بخمسة أيام فقط، نشر السعيدي هذا. هي ذات الفترة التي شهدت اجبار الكثير من خطباء الجمعة على النزول من منابرهم واستبدلوهم بخطباء يتبعون الجماعة.

تم مداهمة مساجد مثل جامع “الإمام الشوكاني، الخير، الحمزة، ذو النورين” وسط وشمالي صنعاء.

امتدت الحملة في عدة محافظات، إلا أن مصليين عبّروا عن سخطهم. أظهرت مقاطع فيديو لعدد من المصليين يعترضون تغيير أئمة المساجد وفرض بُدلاء بقوة السلاح.  محاور الخطب الجديدة للأئمة الجدد، وترديد الصرخة عقب الصلاة، وتغيير طريقة الصلاة وأحكامها، دفعت بالكثير إلى النزوح عن صلاة الجمعة.

 

 

مسألة تغيير أئمة المساجد، مهمة تتخذها كل الجماعات الإسلامية في اليمن.

ممارسات جماعة الحوثي ليست ببعيدة عن ممارسات حزب التجمع اليمني للإصلاح – جناح الاخوان المسلمين في اليمن، وهو الحزب المنطوي تحت قيادة الحكومة الشرعية، إلا أنه يمارس ذات المهام التي تمارسها جماعة الحوثي، هذه الممارسات دفعت بوزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة المعترف بها دوليًا إلى إصدار تعميم بتاريخ 28/04/2021 بمنع تغيير أئمة وخطباء المساجد حتى لا تتحول المنابر إلى أماكن للتحريض عوضًا عن مهمتها في تهذيب النفوس.

 

قلق وانعزال

يشير أحد المصلين المتسربين من المساجد في منطقة سعوان في صنعاء إلى أنه منذ استبدال خطيب المسجد بثان يتبع الجماعة؛ انخفضت نسبة المصلين إلى أقل من النصف، وبات أمر ترديد الصرخة بعد كل صلاة مزعجاً جداً للمصلين، يقول: “بالإضافة إلى مشاكل رمضان بسبب صلاة التراويح التي باتت تقلقنا وترعبنا قبل دخول الشهر الكريم كل عام، بسبب رفضهم لصلاة التراويح واعتبارها بدعة”.

ذات الخوف لمسناه من مصلٍ آخر في تعز، إذ يعزو عدم ذهابه إلى صلاة الجمعة بدعوات الجهاد التي يطلقها الخطيب، وهو أمر لم يعد مقبولًا لدى المجتمع الذي يحاول أن يبحث على أرضية لبناء السلام بين جميع اليمنيين، فالحرب المستمرة منذ سبتمبر 2014 وما قبلها، لم يدفع ثمنها سوى شباب كان يعوّل عليهم أن يقوموا ببناء اليمن الجديد الذي يبدو أنه لن يأتِ قبل أن نفقد الكثير.

 

التعليقات مغلقة.