ثق.. أن الخير الذي في قلبك لا يقود إلى معصية، بل يساعد في إنشاء عالمًا أفضل

اغتيال شيرين أبو عاقلة
في 11 مايو 2022 اغتالت قوات الاحتلال الاسرائيلي الصحفية شيرين أبو عاقلة، في الأيام التي أعقبت الاغتيال، ثار جدلًا واسعًا حول مدى شرعية الترحم عليها ووصفها بالشهيدة!
سارع الكثيرون إلى الزعم أن الأمر يتعلق بالدين! وبادر آخرون إلى تفنيد عدم صحة هذه المزاعم.
الآن، وبعد أن مضى كل هذا الوقت، يمكننا أن نرى بوضوح ودقة، أن ذلك الجدل لم يُثر كنتيجة لخطيئة مست نقاء الدين، بل ثار ويثار وسيثار كنتيجة: لغياب المساواة في المجتمع!
كي نفهم معنى ذلك تمامًا، يجب أن نشعر بالتعاطف!

إقرأ أيضًا: هل يجوز تهنئة غير المسلمين باعيادعم؟

ماذا يعني التعاطف مع غير المسلم؟
التعاطف: هو القدرة على فهم وتشارك مشاعر الآخرين، القدرة على أن نضع أنفسنا مكانهم، والنظر للأمور من وجهة نظرهم.
وللتعاطف مستويات:
- سطحي: فهم دون تشارك لمشاعر الآخرين.
- عميق: فهم وتشارك مشاعر (نحزن لحزنهم، نفرح لفرحهم).
- تفاعلي: ويتجاوز هذا النوع الفهم والمشاركة إلى التحرك للمساعدة.
التعاطف الاجتماعي مع الأقليات الدينية
التعاطف الاجتماعي هو أكثر من مجرد الاهتمام بشخص واحد، هو الاهتمام بتجربة فئة بأكملها، في المجتمع؛ من خلال إدراك الأحداث من منظور حياتهم اليومية، والسياق التاريخي الخاص بهم.
كمسلم يعيش في بلد 90% من سكانه مسلمين، عندما أقول بعدم جواز الترحم على شيرين أبو عاقلة، ما اقوله هو تعبير عن “فجوة تعاطف” وإنعكاس لثقافة اللامساواة في المجتمع، وليس تعبير عن “نخوة دين”.
فجوة تعاطف وانحياز، تسبب في جعلي أتعامى عن الظلم، وتتبلد أحاسيسي تجاه الجريمة التي ارتكبها الاحتلال.
فقدان القدرة على رؤية واحساس شعور أن تكون مواطن من أقلية دينية في مجتمع يهيمن عليه دين مختلف، ويقرر أن موتك لا يستحق التكريم حتى لو كان في سبيل أكبر قضاياه العادلة؛ هو أمر يستدعي أن تُعيد غسل روحك بعناية.
ماذا لو كنت أعيش في نيوزيلندا؟

فَشَلنا في فهم وتشارك مشاعر المختلف دينيًا هو فشل إنساني لا يمكن التنصل منه بالتحجج بالدين!
التضامن والرحمة والمواساة عواطف عابرة للأديان، عواطف لا تخضع للحلال والحرام، عواطف تُقدّم مؤشر على صحتنا النفسية، على اتزاننا العاطفي، على ذكاءنا الثقافي، وليس على مقدار ما نتمتع به من إيمان.
“جدل الترحم” الاغتيال الثاني لشيرين أبو عاقلة
اغتيال شيرين أبو عاقلة.. قصة ألم مشترك، وتضحية مشتركة، كان يجب أن تصبح فرصة للتوحد في “حداد مشترك” يساعدنا على ترسيخ ثقافة التسامح وبناء الثقة من خلال التعاطف.
عند استخدام جوجل ترند، لرصد الموضوعات والمعلومات التي يبحث عنها المستخدمون العرب حول الصحفية شيرين أبو عاقلة عقب اغتيالها، كانت موضوعات ومعلومات الدين هي المهيمنة على اهتماماتنا (مسلمة أم مسيحية؟!!).

المؤلم أكثر، أن موضوعات “حرية التعبير، حماية الصحفيين، العنف ضد المدنيين” لم تكن أبدًا مواضيع تتصدر اهتماماتنا!
نمط البحث عن المعلومات يكشف بوضوح أننا استهلكنا ردود أفعالنا في محاكمة الضحية وتركنا الجناة. لقد نجح التعصب في إبقاء أنظارنا بعيدا عن كل ما يحمل معنى، عن جوهر القضية.

لماذا يجب أن يتعاطف المسلمون مع غير المسلمين؟
التعاطف هو طريقة عملية لممارسة “التسامح الديني”، وجودة يقدم مؤشر على قابلية المجتمع للتعايش السلمي، وقدرته العالية على احتواء التوترات لا على قمعها.
لذا يجب ان يكون التعاطف أعلى وأعمق لدى المسلمين في مجتمعاتنا، وأن يعدّ أكثر من مجرد مسئولية اخلاقية، لأن المسلمين يمثلون الأغلبية في معظم البلدان العربية، وبالتالي:
- غياب تعاطف المسلمين “الأغلبية” هو بمثابة إعلان موقف: عدم الاعتراف بالتنوع الديني الطبيعي والموجود فعلًا في مجتمعاتنا العربية.
- غياب تعاطف المسلمين “الأغلبية” هو شكل من اشكال الدعوة لتقسيم المجتمع الواحد، والهوية الوطنية المشتركة إلى (عربي مسلم، وعربي غير مسلم) وكنتيجة؛ يصبح المسلمين جزء من مشكلة غياب التعايش السلمي والعدالة والسلام وليس جزء من الحل، وهذا ما لا نريده بالتأكيد، لكنه ما يُفهم من طريقتنا غير الصحيحة في إدارة عواطفنا الدينية.
- عندما يكون لدينا -كمسلمين- تعاطف، يكون لدينا قدرة أعلى على التسامح، وقدرة أعلى على رؤية الاختلاف الديني في سياقه الإنساني، وعلى فك الارتباط بين رؤيتنا للإنسان، ورؤيتنا للدين الذي يعتنقه.
- القصة التي نحكيها بصيغة “هم” و”نحن” هي قصة لا تنتهي بنهاية سعيدة، ووطن قوي ومزدهر، بل قصة تنتهي بوطن ممزق، وملايين اللاجئين.
هل يعتبر غير المسلم شهيدًا؟
لفظ الشهيد يُطلق على كل من يُقتل في سبيل قضية عادلة.
الشهيد شفيق مترى سدراك.
ومضة..
المسلم وغير المسلم، لا يمكن دفنهما في مقبرة واحدة
لكنهما استطاعا -دائمًا- الحياة في وطنٍ واحد.
لا نعرف إذا ما كان “الدعاء” بالرحمة.. يُجدي أحدً بعد الموت
لكننا ندرك تمامًا.. أن “التعامل” بالرحمة هو من يمنح الجميع:
المعنى الكبير للحياة، والدلالة الحقيقية على وجود الإنسان.
ختامًا.. هل يجوز السلام على غير المسلم؟
نتساءل أيضًا هل يجوز السلام على غير المسلم؟
وضعنا هذا السؤال على سماحة الشيخ مسلم العجاوي، يمكنكم الاستماع إلى رده من خلال بودكاست تلاقي
مواضيع ذات صلة
هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم
[…] التعاطف وشرعية الترحم على غير المسلم […]
[…] 3. تعاطف […]
[…] يتمحور هذا الاهتمام بشكل رئيسي حول قضية “الترحم على غير المسلم “ […]
[…] التعاطف لفهم شرعية الترحم على غير المسلم […]
[…] أقرا ايضا: التعاطف لفهم شرعية الترحم على غير المسلم […]