الحرب بالاقتصاد في اليمن

اليمن ضمن الدول التي تعاني من مجاعة مثيرة للقلق

 

الحرب بالاقتصاد في اليمن تقرير يستعرض كيف تدهورت اليمن اقتصاديًا.. بعد سقوطها في حكم الحوثيين الذين اعتمدوا على نهب الخزينة العامة

 

الحرب بالاقتصاد
الحرب بالاقتصاد

 

قالت منظمات الأمم المتحدة إنها تخسر حربها ضد الجوع في اليمن

مارك لووكوك

مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية

 

كيف حدث ذلك؟

بعد أن دخل الحوثيون صنعاء وسقوطها عسكريًا، استولوا على مفاصل الدولة وسيطروا على إدارتها.

كان الكثير من رؤوس الأموال المحسوبين على التجمع اليمني للإصلاح قد غادروا البلاد مع أموالهم خوفًا من نهبها.

غنم الحوثيون ممتلكات غرمائهم الفارين من صنعاء الذين غادروا وغادرت معهم أرصدتهم في البنوك.

كانت البلاد قد استنزفت الكثير من رصيدها المالي نتيجة للإدارة الخاطئة والفساد المتراكم لحكومة الوفاق الوطنية التي سبقت الحوثيين.

 


 

تحّول الحوثيون إلى «أنصار الله» كمصطلح عام وشامل يحاول الابتعاد عن الانتماء الفكري لمؤسس الحركة الذي أطلق عليها سابقًا «الشباب المؤمن» وتحوّلت بعد مقتله إلى الحوثيين كنسبة إليه

 


 

ظلت الأمور تمشي بتباطؤ تام حتى قررت الحكومة الشرعية نقل بنكها المركزي إلى عدن.. اتهمت الحوثيين بتسخير الخزينة العامة لتمويل جبهات الحرب فيما يُعرف ب: «المجهود الحربي».

كانت عدن قد تم تحريرها من قبضة الحوثيين وتحويلها إلى عاصمة مؤقتة بعد إعلان عاصفة الحزم.

هذا الإعلان جاء ليُشتّت الكثير من قيادات الحوثيين الذين اشتروا العملة الأجنبية بشكل مهول حتى اختفت من الأسواق حينها.. ثم تورطوا بعمليات تجارة تهريبها إلى الخارج وبناء استثمارات خاصة في عدد من دول العالم.

 


كان الحوثيون قد سطو على الصناديق السيادية ونهبو أموالها، إضافة إلى نقل مبالغ مالية في البنك المركزي إلى خزائنهم الخاصة.


 

الحرب بالاقتصاد

واجهت السوق الاقتصادية حينها زيادة على طلب العملة الأجنبية وبدأ مسلسل انهيار الريال اليمني.

كان الدولار الواحد حينها يساوي 225 ريال وارتفع حاليا إلى ما يُقارب ثلاثة أضعاف.. لم تكن الحكومة الشرعية تُجري أي مبادرات جادة لتحسين الوضع الاقتصادي وصرف رواتب الموظفين التي توقفت تمامًا بعد نقل البنك المركزي.. باستثناء من قام بالنزول إلى عدن وتحسين وضعه.

كان البنك المركزي الجديد لا يملك أي سيولة مالية لكونها تتواجد في صنعاء.. فلجأت إلى طباعة عملة جديدة في خطوة كانت تعتقد أنها أهون من عدم حصول اليمنيين على مرتباتهم.. لكن تأثيرها عم كل اليمنيين.

 


رافق طباعة العملة عمليات فساد مالي في الداخل والخارج وندرة الإيرادات المالية وصرف رواتب مهولة لموظفي الشرعية الذين يُقيمون في الخارج ويتسلمون رواتبهم بالدولار، ما أدى إلى استمرار تهاوي الريال وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل متكرر وزيادة تفاقم الحالة الإنسانية في اليمن.

 

استخدمت الحكومة الشرعية اليمنية الاقتصاد اليمني كجبهة حرب أخرى تخوضها ضد الحوثيين.. دون مُراعاة أوضاع الناس المعيشية.

كان قرار نقل البنك المركزي إلى عدن هو أكبر خطوة ساهمت في سقوط المجتمع نحو المجاعة.

كانت الحكومة الشرعية تراهن على استنزاف إيرادات خصومهم حتى لا يتمكنّوا من تمويل جبهاتهم وتعطيل دورهم كسلطة.. ووضعهم في مواجهة مع المجتمع.. لكن المجتمع لم يواجه سوى انتشار الفقر والمجاعة.

ومع فشل الرهان على المجتمع الذي واجه قبضة حديدية تعتقل أي صوت وتنهي أي تحرك لاسيما بعد اغتيال علي عبدالله صالح.. استمرت الحكومة الشرعية في جبهتها الاقتصادية.. لكن هذه المرة كانت المعركة في الساحل الغربي.. معركة السيطرة على ميناء الحديدة وايراداته.

 

ميناء الحديدة

كانت الحكومة الشرعية تتحدث كثيرا عن معركة صنعاء واقترابها، ولأنها لم تقترب وبقيت المعركة على بعد 40 كم شرق صنعاء فيما يُعرف ب: «جبهة نهم» المتعثرة، فقد وجّهت الأنظار نحو الساحل الغربي للسيطرة على ميناء الحديدة، بهدف قطع الامدادات المالية للحوثيين وتأمين الخط الساحلي من تهديدات الحوثيين باستهداف حركة الملاحة الدولية.

 


دخلت اليمن لأول مرة ضمن الدول التي تعاني من مجاعة مثيرة للقلق بحسب مؤشر الجوع العالمي.


 

بالنسبة لليمن فميناء الحديدة يُعد شريان الحياة.. من خلاله تصل أكثر من 70 بالمائة من استيراداتها لمختلف المواد.. ومن الميناء يتم نقلها إلى المخازن الرئيسة في المحافظات الأخرى ثم توزيعها على بقية المناطق.

هو ميناء حيوي تتدفق من خلاله ايرادات مالية ضخمة تكفي لصرف رواتب موظفي الدولة بالكامل.

تتجاوز ايراداته الشهرية نسبة 80 بالمائة من اجمالي الايرادات العامة وتقدر ايراداته الشهرية بأكثر من اثنين مليار ريال.

 


مع هذه الإيرادات الضخمة إلّا أن الحوثيون لم يقوموا بتسليم رواتب الموظفين ضمن مناطق السيطرة الخاصة بهم.. تم الكشف عن عمليات فساد مالي ضخم يستفيد منها عدد من القيادات الحوثية.. تلك التي تم تعيينها بعد سيطرة الحوثيين على الدولة.

 

فقد اليمنيون رواتبهم.. تم تسريح الكثير منهم من أعمالهم لاسيما في القطاع الخاص.. والكثير منهم لم يحصل على بدل انهاء الخدمة كما يحدث في الوضع الطبيعي.

توقّفت الكثير من الأعمال في المشاريع الصغيرة خصوصا تلك المرتبطة بتوفّر المشتقات النفطية من وسائل مواصلات وصيد وزراعة.

انتشر التسوّل الإلكتروني والميداني، وانتشرت مظاهر السرقة والسطو المسلح والسرقة بالإكراه.. كما انتشرت ظاهرة الإعلان عن بيع الأعضاء البشرية بشكل ملفت.

انعدمت الخيارات الاقتصادية أمام الكثير لتأمين لقمة العيش.. لاسيما بعد انخفاض سعر الريال وارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية إلى ما يُقارب ثلاثة أضعاف أو أكثر.

التعليقات مغلقة.