العِلم يختار شريك حياتك!

تقول النظرية الدينية أن المرأة خُلقت من ضلع الرجل، بالتالي فإن ارتباط الزوجين هو أمر مُحدّد آنفًا

حقوق الصورة: freepik

بمجرد أن تبحث على جوجل بالعربي حول: “العلم والزواج” تظهر لك نتائج تُشير بمجملها عن تقديم طلب العلم عن الزواج أو العكس، وإن توسّعت بالبحث وكتبت: “الزواج من الناحية العلمية” فإن النتائج تختلف هذه المرة لتظهر لك ما يتعلق بفوائد الزواج المُبكّر وحقائق حول ليلة الدُخلة!

بالفعل، الأمر مُثير للامتعاض، كيف يكون للزواج المُبكّر فوائد علمية!


ما كُنّا نبحث عنه هُنا هو: “هل بمقدور العلم أن يختار للرجل والمرأة شريك حياته”؟ بمعنى: هل هناك قواعد عامة أو خاصة يمكنها معرفة فيما إذا كان هناك شريكًا مثاليًا في مكان ما من هذا العالم، تنسجم معه أجّنتنا الوراثية؟

تقول النظرية الدينية أن المرأة خُلقت من ضلع الرجل، بالتالي فإن ارتباط الزوجين هو أمر مُحدّد آنفًا وهو كما يُطلق عليه شعبيًا: “قسمة ونصيب”، لكن هذه القسمة والنصيب قد لا تستمر في الارتباط مدى الحياة كما توضحه الاحصائيات السنوية الخاصة بالبلدان والتي تُشير إلى ارتفاع معدلات الطلاق حيث نشر موقع سيدتي أن دراسة استقصائية قامت بها شركة Next Love Sigurd Vidal وجدت أن نسبة الطلاق ارتفعت لتشمل ثلث زيجات العالم. لاسيما عند بداية الزواج الذي يُصاب سريعًا بالخلل نظرًا لعدم قدرة المتزوجين على إدارة حياتهما الجديدة.

 

لكن هل بإمكان العلم أن يُحدّد لك شريك حياتك؟

يبدو أنه في طريقه إلى ذلك، وعلى كل حال، فإن مسألة البحث عن شريك كانت قد توسّعت تكنولوجيًا من خلال مواقع خاصة بالتعارف والزواج، إلا أنها لا تُقدّم الصورة الكاملة لمواصفات الباحثين عن شركاء في حياتهم لكونها تعتمد فقط على مُدخلات بيانية يقوم الشخص بكتابتها وقد لا تكون حقيقية في نهاية المطاف، ولكن الطريق في اختيار شريك الحياة المناسب عبر الوسائل التكنولوجية لا ينتهي هُنا فوسائل التواصل الاجتماعي تكون سببًا في علاقات حث تنتهي كثيرًا بالزواج والطلاق أيضًا.

أما محور حديثنا فالقناة الفرنسية “M6” تعرض اسبوعيًا برنامج “متزوج من النظرة الأولى” بهدف عرض تجربة علمية لإيجاد شريك حياة مناسب لعشرات المشاركين والمشاركات في التجارب حيث يقدمون لمجموعة من المختصين تفاصيل خاصة بهم ومواصفات شريك الحياة المفضّل، وعبر عملية دراسة هذه المعلومة يعملون على إيجاد الشريك، ويمرون بعدد من الاختبارات والتجارب العلمية التي من شأنها أن تحدد نسب وفرص نجاحهم في لقاء شريكهم استنادا إلى اختبارات التوافق والتي تعد بحسب القائمين فعّالة من خلال التقدّم العلمي والبحث في مسألة الكيمياء الغرامية وذلك كما جاء على موقع يورو نيوز.

بحسب القناة الفرنسية فإن البرنامج هو عبارة عن تجربة “علمية واجتماعية غير مسبوقة”. والجانب العلمي منه أنها تسعى لجمع المتزوجين استنادًا إلى “الاختبارات المعترف بها علمياً”.

مختبر الحب

دراسة العلاقات الزوجية علميًا بدأت فعليًا في “مختبر الحب” عقب بدء علماء الاجتماع في 1979 بدراسة ظواهر حالات الطلاق، وبحسب مقابلة أجرتها “وداد الزريبي” لصالح موقع “محطة” مع مؤسس المختبر “جون غوتمان” في 1986 مع زميله روبرت ليفنسون في جامعة واشنطن، فإن المختبر جلب أزواجًا حديثي الزواج إلى المختبر وراقب تفاعلهم مع بعضهم البعض. ثم قام فريق من الباحثين بتوصيل الأزواج بأقطاب كهربائية وطلبوا منهم التحدث عن علاقتهم. على سبيل المثال، كيف التقيا، أو صراع كبير واجهاه معًا، أو ذكرى إيجابية لديهم. كانوا كلما تحدثوا، تقوم الأقطاب بقياس تدفق الدم، ومعدلات ضربات القلب، وكمية العرق التي يفرزونها. ثم يقوم الباحثون بإرسال الأزواج إلى المنزل، ومتابعتهم بعد ست سنوات، لمعرفة ما إذا كانوا لا يزالون معًا.

في جامعة واشنطن، أسس غوتمان {مختبر الحب} (مساحة تطل على الماء وقد صُمّمت كي تشبه منتجعاً للراحة فيه سرير وفطور). ثم جمع إعلانات زواج من الصحف المحلية واستقدم 130 ثنائياً من الأزواج الجدد الذين يمثلون مختلف الفئات الديمغرافية لتمضية 24 ساعة هناك ومراقبتهم. كان غوتمان يهتم باستكشاف طريقة تطوير الحميمية بين الطرفين حتى في مرحلة المواعدة الأولية

كريستينا أولسون كاتبة سويدية
 

إن قياس الخصائص الفسيولوجية بواسطة الأقطاب الكهربائية أخبر قصة أخرى مختلفة تمامًا؛ كانت معدلات ضربات القلب سريعة، وكانت الغدد العرقية نشطة، وكان تدفق الدم سريعًا. بعد متابعة آلاف الأزواج مطولًا، استنتج جوتمان أنه كلما كان الأزواج أكثر نشاطًا من الناحية الفزيولوجية في المختبر، كلما تدهورت علاقاتهم أسرع بمرور الوقت.

وقياسًا على ما بدأه جوتمان فإن الكثير من المحاولات العلمية تحاول أن تطوّر هذه الدراسات ليصبح بإمكان العلم أن يُحدّد لك شريك حياتك المتوقع، ولا يبدو أن الامر سيطول لا سيما مع معدلات الطلاق العالية التي تشهدها البشرية في الفترات الأخيرة.
لقراءة المزيد حول جون غوتمان، يمكن مطالعة المقال التالي، مترجم إلى العربية، جريدة الجريدة

التعليقات مغلقة.