على مدى الزمن الطويل الماضي، ظلّت المرأة تُعاني من تعامل لا إنساني، سواء بشكل مجتمعي أو قانوني يعتمد على تدنّي حضورها في البرامج الوطنية كالمشاركة السياسية أو فيما يتعلق بحقوقها في المواطنة المتساوية.
نحن الآن في جيل جديد، جيل المساواة، الجيل الذي يعمل به الجميع من أجل بناء عالم قائم على المساواة بين الجنسين، مسترشدين بإعلان ومنهاج عمل بيجين، كأكبر رؤية لأجندة فيما يتعلق بتمكين النساء والفتيات في كل مكان، والذي حدّد كيفية إزالة الحواجز النظامية التي تعيق النساء من المشاركة المتساوية في جميع مجالات الحياة.
لم تعد المرأة في الصفوف الخلفية بعد الآن، لقد خطت نحو الأمام وأصبحت محط اهتمام كبير بعد أن كافحت الحركة النسوية من أجل الاعتراف بحقوق المرأة كإنسانة تملك كامل الأهلية في المواطنة المتساوية وبالحقوق الأساسية، حيث تمخّض عن ذلك النشاط تأكيد ميثاق الأمم المتحدة بالحقوق المتساوية بين الرجال والنساء، ثم عزّز ذلك التأكيد ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من تمتّع الجميع بالحقوق المتساوية دون أي تمييز بسبب الجنس، وتلى ذلك اتفاقيات متعلقة بالمرأة أقرت مبادئ خاصة بالمساواة في الحريات الشخصية والقضاء على التمييز بين الرجل والمرأة، وحماية المرأة من العنف، وعدم حرمانها من حقوقها الأساسية.
سعت هذه التحركات الدولية إلى وضع لبنة أساسية للدول من أجل إقرار قوانين وآليات وطنية لحماية حقوق المرأة وعدم التعامل معها بأي شكل من أشكال التمييز، ووقعّت عديد من الدول على الاتفاقيات وصدّقت عليها ثم قامت بإصدار عدد من اللوائح الوطنية تنفيذًا لالتزاماتها الدولية تجاه حماية المرأة محليًا.
الكويتيات.. النموذج البارز
في 2009، ولحظة اقتحام المرأة الكويتية لقبة عبدالله السالم، كانت دولة الكويت تواصل خطواتها للأمام في الدفع بالنساء نحو المشاركة في عمليات التنمية وصناعة القرار وتولية المرأة زمام الأمور، كانت البلاد قد مكّنت المرأة من أن تتبوأ المناصب القيادية العليا، حيث وصلت إلى منصب وزيرة كأول مرة في تاريخ البلاد عام 2005، وكان ذلك الفرح عامرًا لدى جميع النساء، في كل المنطقة.
كانت الدكتورة معصومة المبارك وهي بالمناسبة أول وزيرة، اقتحمت مجلس الأمة بمعية زميلات لها آخريات، وقفن جميعهن وسط جموع الرجال في مجلس الأمة، إلا أن المبارك كان لها رونق خاص لديّ، كانت تقف شامخة، ذلك الشموخ لم يغب عن عيني يومًا، تصوّرت حينها أن جميع نساء الكويت بهذا الشموخ وهذه القوة في الشخصية، وهذا الاتزان الذي يغلب عليه الهدوء والفكر الوطني التجديدي المُحب للشعب والوطن والإنسان.
ذلك الصوت الذي كان يرتفع منها، كان يرفع معه جيناتي كامرأة، ويرفع معه أحلامي أن أغدو مثل هذه المرأة التي لا يقف عائقًا أمامها نوعها الجنساني، لتشكّل حينها انموذج فريد وايجابي لكل فتاة وامرأة في المنطقة.
الكويتية قدوة
مثل معصومة، ثمة الكثير من النساء في الكويت، لكنهن على قائمة الانتظار، يحتجن للدفع بهن للامساك بزمام المسؤولية، يحتجن لرأي عام مساند لهن ولأدوارهن، ينطلق بدافع وطني ويدعو للاستفادة من قدراتهن في بناء مستقبل أكثر استدامة واستثمارًا لموارد البلاد من الطاقة الاحفورية والرأسمال البشري، يحتجن لأن يعمل على بناء الكويت الجديدة والدفع بالبلاد نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إن أهداف التنمية المستدامة ليست ملزمة على الدول، مع ذلك تستطيع النساء في الكويت أن يعملن على تحقيقها، حيث بدا ذلك جليًا عندما أطلقت وزيرة الشؤون الاجتماعية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية (آنذاك) هند الصبيح جائزة الكويت الدولية للمرأة المتميزة في 15 مايو 2018 تحت شعار: “هي قدوة” كأول فعالية في دول مجلس التعاون الخليجي تدعم الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة والمتعلّق ب: “تمكين كلّ النساء والفتيات”، وأعلنت بالفعل عن تكريم عددًا من النساء في مختلف أنحاء العالم، ما يُشير إلى الدور الحيوي والمهم الذي تستطيع المرأة الكويتية لعبه، عندما، فقط، تُتاح لها الفرصة.
ثمة عديد من النماذج الكويتية للنساء اللواتي رأيت همتهن بعيني، طبيبات في المستشفيات يعملن بروح عالية واقتدار غير منقطع النظير، أستاذات في الجامعة يقف بشموخ أمام الطلاب ليرسمن صورة عالية من الكفاءة، وينقلن الفائدة عبر الأجيال الصاعدة لصناعة الجيل الأكثر مساواة في التاريخ البشري، كيف لا، ونحن جيل المساواة.
التعليقات مغلقة.