بحسب تحقيق أجرته القبس استطلعت خلاله آراء أصحاب معتقدات دينية مختلفة، فإن تدخلات مسؤولين قيدت من حريات الاعتقاد لدى الكثيرين.. ما يعد تعدياً على ما كفله الدستور الذي أعطى حق الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية للجميع وفق الأنظمة والقوانين التي تتبعها الدولة.
يعلل أحد اللادينين من المواطنين ـ فضل عدم كشف هويته – تركه للأديان برغبته:
«في التعامل مع ما هو واقعي وما تثبته العلوم دون التعلق بأي دين».
مشيراً إلى عدم اقتناعه بما كان عليه لأنه يحتاج شخصياً «إلى أدلة واثباتات علمية تحيي يقينه الداخلي».
مواجهة المجتمع وحرية الاعتقاد
وعن أبرز الصعوبات التي واجهها بعد تخليه عن الأديان قال انه واجه صعوبة التقبل لدى العائلة، وعانى من النبذ لأنه ينتمي إلى
«مجتمع كويتي محافظ يرفض حرية الاعتقاد لشخص كان يؤمن بدين غير الذي يؤمن به».
وتابع أن تخليه عن الأديان جاء لحاجته إلى أدلة واثباتات علمية ليحيا في يقين، نظرا لأن العلم يجيب بكل الاثباتات والدلائل اليقينية عن كيفية نشأة الانسان.. وأن نظرية التطور هي اليقين الذي لا يتعارض مع مبادئ العقل والمنطق، بل تتسق تماماً مع الواقع الذي يجعل كثيرا من الأمور التي تحدث امامنا واقعية ومنطقية.
الديانة المسيحية
أما راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية القس الكويتي عمانويل غريب فيؤكد
«حرية الاعتقاد مكفولة، ونحن نمارس شعائرنا الدينية بكل حرية وكتابنا المقدس متوفر بأكثر من ٥٠ لغة لخدمة الجاليات المقيمة».
وعما ينقص المسيحيين المقيمين في البلاد، أشار غريب إلى أنهم
«بحاجة إلى عدد أكبر من دور العبادة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين الذين يبلغ عددهم في الكويت 832 ألف نسمة»
مثنيا على دعم الكويت بقيادة سمو أمير البلاد وسمو ولي العهد ورعاية وعناية سموهما بكفالة وصيانة حق الاعتقاد والتعاون المستمر لتوفير الحماية والأمان لدور العبادة، وتسهيل إجراءات إقامات رجال الدين المسيحي وزيارات ضيوف الكنيسة لخدمة جالياتهم الروحية في المناسبات الدينية.
التعايش مهم
وشدد أستاذ الشريعة في جامعة الكويت د. مطلق الجاسر على ان التعايش بين أتباع الأديان في البلد الواحد من المواضيع المهمة، مؤكدا ان لغير المسلمين حقوقا في بلاد الإسلام، أولها دعوتهم للدين مع مراعاة الأولويات في الدعوة والرفق واللين وعدم ظلمهم، ولا البغي عليهم، ولا أخذ أموالهم، ولا حتى أن يسبوا وأن يشتموا، ما داموا معاهدين أو ذميين أو مستأمنين.
وأضاف الجاسر أن لغير المسلمين كذلك كفالة حق علاجهم والتعليم وإباحة معاملاتهم كإهدائهم وقبول هديتهم وأن تأكل من أكلهم وأن تتعامل معهم بالأمور المالية والإحسان إليهم والبر بهم من دون تعظيم دينهم أو إقرار شيء فيه.
زواج غير المسلمين
قال موظف قسم الزواج في محكمة الرقعي الحارث المزيدي ان زواج الكويتيين المسلمين يحتاج فحصا طبيا، وحضور الطرفين في قسم الزواج، والاتصال بالمأذون ليتم عقد الزواج بوجود ولي الزوجة والزوج والشهود.
أما عن إجراءات غير المسلمين من المواطنين، فإن زواجهم لا يتم في قسم الزواج وانما في إدارة التوثيق التابعة لوزارة العدل في مكتب شؤون غير المسلمين.. حيث يطلب منهم بعض الأوراق كشهادة الديانة والحالة الاجتماعية، واذا كانوا غير كويتيين يطلب توثيق أوراقهم من السفارة.
وفي مراجعة لقسم غير المسلمين في وزارة العدل تبين أن الطائفة البهائية وغيرها من الطوائف، لا يزوج أفرادها بالإجراءات الموجودة اذ لا يوجد لهم مكتب توثيق وعليهم اللجوء الى المحكمة لإصدار حكم تزويج ينفذ من خلال «العدل».
ازدراء الأديان.. مادة للتفسير
أشارت المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والـسياسية الذي صادقت عليه الكويت إلى أن حرية الاعتقاد مكفولة للشعب.. وأن هناك ضمانات لممارسة الشعائر بلا كبت إلا في حدود النظام العام والأمن القومي.
وظللت المادة 35 من الدستور الحرية الفكرية وجعلتها «مطلقة».. لكن بعض الاعتقادات تشوبها شبهة المساس بالثوابت الدينية نظرا لأن النقص التشريعي يتمثل في عدم تفسير مفهوم «ازدراء الاديان» .. ما جعل مصطلح الاساءة مطاطيا يطبق بلا نصوص مخصصة او شارحة.
توصيات حقوقية
- منح تراخيص لبناء أماكن عبادة كافية للأديان المختلفة
- صياغة قانون ينظم حرية الاعتقاد
- استفتاء شعبي حول المقررات الدينية
- إعادة النظر في الأحكام واللوائح والممارسات القانونية السلبية
- تعزيز حرية الفكر والدين والمعتقد وحمايتها بلا تمييز.
- اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بما يتفق
- مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان
ابتهال الخطيب: قوانين تُشرّع على أساس ديني
أشارت الناشطة السياسية د. ابتهال الخطيب إلى أن وضع حرية الاعتقاد في البلاد «محاصرة» نظرا لوجود تشريع ديني.. إضافة إلى المجتمع المحافظ، ووجود أفراد في المجتمع يتحكمون في حريات الاخرين.. فإذا رغب شخص في تغيير دينه وصدرت فتوى بهدر دمه فمن الصعوبة حمايته لأن السطوة المجتمعية اقوى.
وقالت «رغم أن الدستور أطلق حرية الاعتقاد فان التطبيق الفعلي لروح القانون قاصر وعاجز عن تحقيق العدالة.. وذلك راجع الى عدم تغير فكر المجتمع».
وأضافت «لابد من تعديل شرط عدم تجنيس غير المسلم ممن تنطبق عليهم شروط التجنيس ويُمنحون إياها دون الالتفات إلى دين الشخص، لأن النص على تجنيس المسلم شرط يخلق طبقة منافقة تُبقي على إسلامها أو تدعي الإسلام على خلاف الحقيقة بهدف نيل الجنسية».
وزادت «هناك العديد من القوانين التي تدخل في صياغتها الشريعة الاسلامية.. لذلك يشعر الفرد بعدم الحياد لأن الدولة لا تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها مختلفي الأديان.. فالقوانين تُشرّع على أساس ديني وتعزل البقية المختلفين في دينهم». مشيرة إلى أنه في حال أرادت الدولة الاستقرار وضمان السلام يجب ان يكون القانون مدني %100 .. وألا يكون مبنياً على أي توجه ديني لأن مجرد إدخال الشرع في التقنين سيخلق من الآخرين أقلية.
واقترحت الخطيب أن يدرس تاريخ الأديان وليس دينا واحدا، وإنما جميع الأديان كالإسلام والمسيحية واليهودية والكونفوشيوسية، والبهائية وغيرها من الاديان حتى ينشأ عقل صحي وقوي قادر على فهم كيفية تفكير الناس وتقديم مادة عميقة عن تاريخ الإسلام ونشأته، على أن يكون مادة علمية تعود بنتيجة إيجابية على المجتمع.
غدير أسيري: المزاجية تتحكم في إنشاء دور العبادة
انتقدت الناشطة السياسية د.غدير أسيري ما أسمته بـ«مزاجية المسؤول» التي قالت إنها
«تحكم حرية الاعتقاد في البلاد وليس القوانين او القرارات فقط كأننا في عالم بدائي وغير مدني.. إذ إن حرية الاعتقاد مازالت غير مكفولة بالكامل لكل الاديان رغم وجودها وتنوعها في المجتمع».
وأضافت أنه رغم أن «الدستور جعل حرية الاعتقاد مطلقة، أتت القوانين مخالفة ومقيدة لهذا الحق فحصرته في بعض الاديان الموجودة في الكويت دون غيرها أو بمذاهب دون الاخرى».
وأشارت إلى أن «انشاء دور العبادة مسألة تتعلق بمزاج المسؤول، ليس باتباع القوانين فقط وانما باصدار القرارات العشوائية بلا مبررات للمنع أو الاهواء الشخصية والتهديدات من بعض التيارات من دون مبرر دستوري».
وطالبت بمعالجة النقص التشريعي الذي يكفل للبهائيين وغيرهم من الكويتيين وغير الكويتيين، ابسط امور حياتهم كحق توثيق عقود الزواج وامور حياتهم بشكل مباشر او حتى حق الميراث.
ونوهت أسيري إلى أن التعديل التشريعي لا يمكن أن يسبب تناقضا أو تضاربا، إذ ان الدولة المدنية تكفل ممارسة حرية الاعتقاد من دون أن تأخذ بتطبيق دين واحد على شعب كامل بملله وطوائفه ولا تجبرها على اتباع دين واحد حتى وإن كانوا يتبعون اعتقادا مختلفا.
وختمت اسيري حديثها بأن على الحكومة التعاون في مسألة تراخيص انشاء دور العبادة ولا تسير خلف أهواء المسؤول أو تجامل فئة على حساب الاخرى، ويجب ألا يكون الدين محل طمع سياسي أو استغلال او انتقام بل يجب ان يفصل عن السياسة، ويحترم ان تتعاون الدولة في انشاء دور العبادة للاديان والمذاهب المختلفة وألا يكون الدين أحد الملفات السياسية للضغط على الناس في أوقات أو حقبات سياسية معينة.
أبو حامد: البهائيون يمارسون شعائرهم في البيوت
قال عبدالحسين محمد المعروف بـ«أبو حامد» وهو من الطائفة البهائية في البلاد.. ان البهائيين يمارسون شعائرهم الدينية بحرية تامة في البلاد ولكن من داخل بيوتهم من دون أي معارضة من قبل السلطات.
واضاف أن البهائيين لا يكتمون عقيدتهم وانما يبرزونها بكل شجاعة.. فيسجلون في أوراقهم الرسمية خانة الديانة اسم «بهائي» أو «أخرى» إن دعت الحاجة من دون أي اعتراض من السلطات الرسمية.
وعن دور عبادتهم ذكر أن البهائيين يصلون داخل منازلهم.. فلا دور عبادة رسمية مرخصة لهم. مشيرا إلى أن الدولة ترعى حرية العقيدة وتحترم كل الاديان وقد صدرت مؤخرا احكام اثبات زواج وطلاق لنا ونفذت من وزارة العدل.
ولفت الى أن هناك مشكلة يواجهها البهائيون .. تتمثل في رفض اعطائهم حصر الوراثة من قبل إدارة التوثيقات الشرعية بوزارة العدل “لأننا غير مسلمين”.. الوزارة تقول انها مستعدة لمنحنا اياه بموجب حكم محكمة ما يستدعي الانتظار اكثر من ستة اشهر.. يعاني خلالها ورثة المتوفى مشاكل كثيرة في توزيع الارث وفي تسيير امورهم الشخصية.
وبيّن أن الطائفة كتبت رسالة إلى وزير العدل لكن لم تتلق ردا حتى الآن.. معلنا عن صدور حكم حصر وراثة لأحد البهائيين قبل عدة سنوات لكنه استغرق 8 اشهر مع ان الاخرين يحصلون عليه خلال يوم واحد.
التعليقات مغلقة.