من فترة طويلة فكرت بالكتابة حول لجنة الحكماء بسبب ما لمسته من انزعاج أحيانا وعدم إدراك كامل للمنصب الذي وضعت في توكل أحيانا أخرى. هذه الخاطرة لمن يحب فهم ماهية لجنة الحكماء تقنيا ومنها باستطاعتكم الحكم ما إذا كانت توكل قادرة على تولي هذا المنصب.
مارك زوكربيرج مؤسس ومالك 59٪ من قيمة مجموعة فيس بوك، أتهم بالتواطؤ مع شركة رصد بيانات تحت مسمى كامبردج اتلانتيكا انليزيج في العام 2016 والتي بدورها عملت على تسهيل الطريق للرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب إلى السلطة. وبسبب هذه القضية استدعي مارك لمقابلة مجلس الشيوخ الامريكي للمساءلة حول مواضيع مهمة من وجهة نظر الشعب الأمريكي مثل هل يوجد خصوصية بالمحادثات داخل برنامج الفيس بوك ماسنجر؟
وهل الواتساب مرتبط بإدارة خاصة بحفظ البيانات ومراقبتها أم أنها مشفرة بالكامل؟
مجلس الشيوخ فهم من جلسة التحقيق أن مارك أصبح صاحب سلطة مطلقة على حقوق الناس وكأنه دكتاتور كبير، ستالين جديد وحده يحدد ما الصحيح والخطأ، مارك وحده يستطيع تحديد ماذا نرى ومتى نراه.
بينما مارك فهم شيء مختلف تماما، أن مجلس الشيوخ الامريكي مجموعة من كبار السن غير قادرين على التعامل مع أجهزة الهاتف من أساسه. فقرر عمل أول تجربة في تاريخ الشركات الالكترونية بأن يؤسس لجنة مستقلة يكون لأعضائه حق تقرير كل ما يتعلق بحرية النشر والتعبير.
لجنة الحكماء وتوكل كواحدة من أعضائها مكونه أيضا من قاضية سابقة في الاتحاد الأوروبي متخصصة في الحقوق والحريات وتقني حاسوب محترف ورئيسة وزراء سابقة في هولاندا وغيرهم مجموعة من الشخصيات لجعل اللجنة قادره على أدراك الوضع الحقوقي في العالم. ليس من مهام هذه اللجنة أن تراقب المحتوى وتقرر ما ينشر وما يحذف، أو أن يراقبوا أشخاص معينين. عمل اللجنة يلخص في حال قررت اللجان الفنية للفيسبوك إغلاق حساب شخص بسبب انتهاكه لاتفاقية الفيسبوك فإن للشخص الحق بإرسال طلب الاطلاع للجنة الحكماء، الذين بدورهم إن أقروا بأنه غير منتهك لسياسة فيسبوك فأنهم قادرين على إلزام اللجان الفنية بإرجاع الحساب، وكذا دراسة سياسة فيسبوك بما يتعلق بحقوق المستخدمين وتعديلها.
كأن لجنة الحكماء هي المحكمة الدستورية لفيسبوك. لجنة الحكماء ليست فقط لضمان حيادية فيسبوك وإنما تضمن ثقة كبيرة لفيسبوك كون الشخصيات متخصصة في مجالات النشر وكذا ذوي شأن دولي رفيع.
توكل كرمان ليست عضوة لجنة اقليمية تراقب فيها حسابات الناس أو تقول من ماذا ينشر أو من ينشر، وإنما هي ضمن لجنة تعمل بين التقنية والحقوق لضمان مصلحة المستخدم. ولتوكل خبرة جيدة في العمل والبحث في مجال حرية الصحافة والتعبير، غير أن منظمة صحفيات بلا قيود من أوائل المنظمات التي نشرت تقارير تهدف لحماية الحريات الصحفية وحقوق النشر.
لذلك أرى شخصيا أن توكل جديرة بمنصب اللجنة حتى وأن اختلفنا مع توجهاتها السياسية، والنظام في اللجنة يجبرها على الحيادية. غير أني فخور بها كونها امرأة يمنية تقلدت منصب يحمل مسؤولية ويمكن أن تضع اليمن على الخارطة من خلاله. وإن نجحت توكل بنجاح هذه اللجنة فقد يغير هذا منهجية العالم كامل بالتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي. وقد نلحظ قريبا انتخابات لمجالس قانونية ومحلية لشبكات التواصل الاجتماعي كجزء من هذا التفكير الحديث.
التعليقات مغلقة.