خرافة الذكر الذي لا يُقهر

يصبح الجنس تعبيرا عن السلطة عندما ينتقل الجنس من خانة اللغة الرقيقة إلى خانة الاغتصاب

الجنس… لغة رقيقة، نوع من التفاعل العاطفي، إلا في بلادنا، مازال الجنس محتفظا بمفهومه البدائي: “سلوك لقمع الآخر كنوع من التعبير عن السلطة”


أشهر أسطورة اجتماعية في بلادنا أن اليمني هو رمز (الفحولة) مع أن التقارير تشير إلى أننا أكبر سوق للمنشطات الجنسية في الشرق الأوسط، ترجمت هذه الاسطورة في الوعي الشعبي إلى معتقدات ونكت وروايات تشترك جميعها في صناعة شيء واحد فقط: “خرافة الذكر الذي لا يقهر”.


عندما يصبح الجنس تعبيرا عن السلطة ينتقل من خانة (اللغة الرقيقة) إلى خانة (الاغتصاب)، والمأساة أن الجنس لدينا في كثير من الأحيان، حتى في الأطر الشرعية، هو نوع من الاغتصاب المقننن.

هكذا أصبح الجنس لدينا “مأساة عميقة، بعمق الإقصاء السياسي الذي نعيشه”

ربما لأننا مواطني دولة ديكتاتورية، تجدنا ننفعل في التعبير عن غرائزنا الجنسية أكثر مما يجب، ربما لأنه الانفعال الوحيد المتاح لدينا، والسلطة الوهمية الوحيدة المخولون بالوصول إليها.

التحرش بالنساء على طريقة برايل

“بيدخل صباعه من تحت” امرأة مع طفليها تستحث بهذه العبارة الشهامة (المزعومة) في الرجال راكبي الباص، كان تعقيب أحدهم “امرأة وقحة”!

هكذا إذن… يجب أن تصمت المرأة عندما تُغتصب، فالرفض هو نوع من الوقاحة وقلة الأدب، والمرأة التي تقاوم التحرش هي بالمفهوم الشعبي امرأة تُصرح بأنها عاهرة!!!


الجوع الجنسي الذي يكتسح البلد، ظاهرة تحتم على علماء الاجتماع رصدها وتحليلها، فما الذي يحدث في بلد يقرطس النساء بدعوى المجتمع المحافظ؟ بينما الانترنت تحول إلى وسائط معلومات مختزلة في جانب معلوماتي للبحث عن الجسد العاري.


نوع من البله.. والتشوه الإنساني تتبعه طقوس الاكتشاف البدائي للجسد، أو بالأصح طقوس طريقة “برايل” للمكفوفين “القراءة بالأصابع”.


الشراهة الجنسية بصورها الفظة التي تعترينا تحتاج للكثير من التأمل وللكثير من الصقل الحضاري، وتحتاج إلى إطار فلسفي يُعيد للجنس مفهومه العاطفي، المفهوم المصادر والمسلوخ بوحشية من حياتنا.


تربيتنا هي المسئولة عن هذا التشوه، عن هذا التناقض، عن هذا الانفصام، هي المسئولة عما نمارسه من نصب عاطفي وبلطجة جسدية، لأننا تربينا جمعيا على أن الحوار التفاعلي الوحيد الذي يمكن أن ينشأ بين المرأة والرجل هو الجنس.

التعليقات مغلقة.