خطاب الكراهية.. اللوائح والالتزامات ذات الصلة

تقود المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني حملة إلكترونية باسم (نشتي نعيش) تهدف لمواجهة خطاب الكراهية وخطابات التحريض على العنف. وبمناسبة اليوم العالمي للسلام 2020 حصلت على جائزة بناة السلام مقدمة من منظمة اليونيسكو للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة الأمم المتحدة لبناء السلام ومؤسسة RNW media عبر شريكهم في اليمن منصتي 30.

وكاستمرار للجهود في هذا الجانب، ننشر هذه الورقة لعرض اللوائح والالتزامات الدولية ذات الصلة بخطابات الكراهية:

 

خطاب الكراهية
الغلاف

 

1.  تعريف “خطاب الكراهية”

لم يتم بشكل رسمي تحديد تعريف قانوني دولي ل “خطاب الكراهية”. وتؤكد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على الغموض حول تعريف خطاب الكراهية وعدم وجود توافق في الآراء حول معناه مما يؤدي إلى احتمالية إساءة استخدامه للتمكين من انتهاكات التعبير القانوني على نطاق واسع.

وتستخدم العديد من الحكومات “خطاب الكراهية” مثل “الأخبار الزائفة” لمهاجمة الأعداء السياسيين وغير المؤيدين والمعارضين والنقاد. ومن ناحية أخرى، فقد أثار الغموض الذي يكتنف السياسات المتعلقة بخطاب الكراهية والمضايقة شكاوى بشأن إنفاذ وتطبيق السياسات على نحو متضارب يعاقب الأقليات ويعزز مركز الجماعات المهيمنة أو القوية.[1]

مع ذلك، يمكن فهم خطاب الكراهية على أنه “أي نوع من التواصل الشفهيّ أو الخطيّ أو السلوكيّ، ينطوي على تهجّم أو يستخدم لغة سلبيّة أو تمييزيّة عند الإشارة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس هويّتهم، أيّ على أساس دينهم أو عنصرهم أو جنسيّتهم أو عرقهم أو لونهم أو نسبهم أو جنسهم أو أيّ عامل أخر يحدّدهم” [2]

ويعد مبدأ المساواة بين جميع الناس والحق في عدم التمييز جوهر حقوق الإنسان كما هو مبين في المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[3]، والتي تؤكد على أنه يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وعليه فإنه يحق لجميع الناس التمتُّع بنفس كافة الحقوق، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر وفقا لما تم تأكيده في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

كما يستند الغموض في تعريف خطاب الكراهية على مبدأ أن حرية التعبير تعد جوهرية للتمتع بكافة حقوق الإنسان، وبالتالي يجب أن تكون القيود عليها استثنائية وتخضع لشروط ضيقة النطاق ورقابة صارمة. وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن القيود حتى عند تبريرها “قد لا تعرض الحق نفسه للخطر”.[4]

 

2.  لوائح الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية – الهيئات القائمة على المعاهدات:

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) [5]

المادة 19: “1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

  1. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
  2. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
  • لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
  • لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.”
  • المادة 20: “2. تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.”
  • قرار مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة رقم 16/18 بشأن “مكافحة التعصب والقولية النمطية السلبية والوصم والتمييز والتحريض على العنف وممارسته ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم”. ويدرك القرار 16/18 بأن تعزيز الإدماج والتنوع والتعددية هو أفضل ترياق لـ “خطاب الكراهية” جنبا إلى جانب مع السياسات والقوانين من أجل معالجة الأسباب الجذرية للتمييز.[6]

لجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD)[7]

  • المادة 4: “تشجب وتدين الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله، وتتعهد خاصة، تحقيقا لهذه الغاية ومع المراعاة الحقة للمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللحقوق المقررة صراحة في المادة 5 من هذه الاتفاقية، بما يلي:
  • اعتبار كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية .. وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر .. وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون؛”
  • كما وجدت لجنة القضاء على التمييز العنصري أن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.. تُلزم حظر “شتم أشخاص أو فئات أو السخرية منهم أو التشهير بهم أو تبرير الكراهية أو الاحتقار أو التمييز” .. مؤكدة أن مثل هذا التعبير يجوز منعه وتحريمه فقط عندما يكون “واضحاً أنها تصل إلى درجة التحريض على الكراهية أو التمييز. [8]

خطة عمل الرباط[9]

  • حددت “خطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية او العنصرية او الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف” ستة عوامل لتحديد مدى الخطورة لتجريم التحريض:
  • السياق الاجتماعي والسياسي الذي كان سائدا وقت صدور الخطاب
  • وضع المُتكلم، “وعلى وجه الخصوص مركزه الفردي أو مركز منظمته في بيئة الجمهور الذي يُوجه إليه الخطاب”
  • النية: وتعني “الإهمال والتهور ليسا كافيين لتشكيل جريمة تنطبق عليها المادة 20 من العهد التي تنص على أن مجرد التوزيع أو الانتشار لا يرقى إلى مستوى الدعوة أو التحريض؛
  • محتوى أو شكل الخطاب، وعلى وجه الخصوص “مدى كون الخطاب استفزازيا ومباشرا بالإضافة إلى التركيز على الشكل والأسلوب وطبيعة الحجج المستخدمة”؛
  • مدى الخطاب أو تأثيره، مثل “كبر جمهوره وحجمه، بما في ذلك ما إذا كان الخطاب قد نُشر بواسطة منشور وحيد أم عن طريق نشره في وسائل الإعلام السائدة أو الإنترنت ودرجة تواتر الاتصالات وحجمها ومداها، وما إذا كان لدى الجمهور أي وسيلة للتصدي للتحريض”؛
  • الرجحان، بما في ذلك الوشوك، وهذا يعني “وجوب تحديد درجة ما من مخاطر الضرر الناجم عنه”، بما في ذلك الإقرار (بواسطة المحاكم، كما هو مقترح في خطة العمل) حول احتمال معقول بأن ينجح الخطاب في التحريض على عمل فعلي ضد المجموعة المستهدفة”.

مشاركة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن خطاب الكراهية

تم تبني واعتماد إعلان بيروت عام 2017 وتعهداته الثمانية عشر حول الإيمان من أجل الحقوق ضمن مبادرة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) بشأن الإيمان من أجل الحقوق. ويحدد الإعلان وتعهداته الثمانية عشر بشكل عام الطرق التي يستخدمها القادة الدينيون وكذلك قادة الحركات غير التوحيدية أو اللادينية.. لاستخدام الأديان من أجل تعزيز حقوق الإنسان ولا سيما حرية الدين أو المعتقد وحرية التعبير.[10]

3.  إجراءات خاصة – المقررون / المستشارون الخاصون

  • أصدر المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية بتاريخ 11 مايو 2020 .. “مذكرة توجيهية بشأن التصدي لخطاب الكراهية المتعلق بفيروس كورونا (كوفيد – 19) ومكافحته”. وتتبع المذكرة التوجيهية النداء العالمي الذي وجهه الأمين العام من أجل التصدي لخطاب الكراهية ومكافحته .. بتاريخ 8 مايو 2020 ويستند إلى استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية. كما تقدم توصيات إلى الدول الأعضاء والمجتمع المدني ووسائط الإعلام وأصحاب المصلحة المعنيين الآخرين للتصدي لخطاب الكراهية المتعلق بفيروس كورونا (كوفيد – 19) ومكافحته. [11]
  • ويؤكد المقرر الخاص / فرانك لا رو بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أن الحد من “خطاب الكراهية” يبدو أنه يحقق التوازن بين مجموعتين من القيم: متطلبات المجتمع الديموقراطي من الجدل والنقاش المفتوح والاستقلالية والتنمية الفردية جنبًا إلى جنب مع الالتزام الإجباري بمنع الهجمات على المجتمعات الضعيفة وضمان المشاركة المتساوية وغير التمييزية لجميع الأفراد في الحياة العامة. [12]

4.  التحكم في خطاب الكراهية عبر الانترنت

  • ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على معايير تحكم نهج الدولة والشركات للتعبير عبر الإنترنت. في الواقع، تنص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أنه يجب على الشركات أن تدمج بشكل مباشر في شروط الخدمة الخاصة بها ومبادئ “المعايير المجتمعية” المتعلقة بقانون حقوق الإنسان التي تضمن توجيه الإجراءات المتعلقة بالمحتوى بنفس معايير القانونية والضرورة والشرعية التي تلزم تنظيم الدولة التعبير. [13]

 


الهوامش

[1] انظر A/HRC/38/35

[2] UNITED NATIONS STRATEGY AND PLAN OF ACTION ON HATE SPEECH

[3] https://www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/

[4] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 27 (1999) بشأن حرية التنقل، الفقرة 13

[5] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (21) المؤرخ في 16 ديسمبر1966 . تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49 https://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/CCPR.aspx

[6] انظر A/HRC/RES/16/18

[7] الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري . اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (20) المؤرخ في 21 ديسمبر 1965 . تاريخ بدء النفاذ: 4 يناير 1969، وفقا للمادة 19 https://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/CERD.aspx

[8] التوصية العامة رقم 35، فقرة 35

انقر هنا

[9] OHCHR – Rabat Plan if action (مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان – خطة عمل الرباط)

[10] https://www.ohchr.org/Documents/Press/Faith4Rights.pdf

[11] https://www.un.org/en/genocideprevention/documents/Guidance%20on%20COVID-19%20related%20Hate%20Speech.pdf

[12] انظر A/67/357

[13] انظر A/HRC/38/35, para. 45

التعليقات مغلقة.