رؤوفه حسن… اسم في قاموس الثورة

طلابها يستذكرون معنى أن يتم مناداتهم بعيال رؤوفة

أصدرت مؤسسة أكون للحقوق والحريات عددها الثاني من مجلة (FINE LINE) النسوية والتي تُعدّ منبرًا وصوتًا للنساء في اليمن، ويتم إصدارها بجهود ذاتية من فريق العمل وموارد المؤسسة الخاصة.

وحوى العدد الثاني الذي صدر في 3 يوليو الجاري، على عدد من المواد المتميزة والمتعلقة بوضع النساء وقضاياها ونشاطها المدني، إضافة إلى تقرير عن شخصية العدد حول الدكتورة رؤوفه حسن والتي رأينا أن نُعيد نشرها بعد أخذ موافقة بذلك من رئيسة المؤسسة لينا الحسني


منذ اللحظة الأولى التي قررت هيئة تحرير مجلة “فاين لاين” النسوية اختيار الدكتورة الراحلة رؤوفة حسن كشخصية العدد الثاني للمجلة، احترنا من أين نبدأ وكيف نتناول حياة على شكل تاريخ كبير لا تسعه كل صفحات السنوات، امرأة أصبحت حد الوصف بشجاعتها مثالاً نسوي ثابت وراسخ كجبال اليمن المترامية الأطراف.

 

تجد اسمها بين الحركات النسوية كضوء يُهتدى به في طريق الكفاح النسوي، عُرفت كرائدة ومُؤسسة لمجال الإعلام في جامعة صنعاء، ومدافعة عن الحقوق والحريات.

تميزت بثباتها على الحق وروحها القوية التي صمدت أمام هجمات الرجعية والتطرف ولم تنحني يوماً رغم كل التحديات، حتى أن اسمها كان مصدر قلق للشخصيات الرجعية والمتطرفة التي تجد في مشاركة المرأة وتطورها جرم وذنب. كان جمالها فريداً بزيها التقدّمي المُشكّل على هيئة حضارات، تضع غطاء الرأس بطريقة جديدة، تُعطي انطباعاً لمن يراها بأنها ترتدي معصب صنعاني، بينما هي تضع الخمار بشكلها الخاص وترتدي مزيجاً من اللباس. تشعر حين تراها وكأنك أمام امرأة من زمن المستقبل.

الدكتورة رؤوفة حسن الشرقي التي حملت معها اسمها الحركي منذ طفولتها كي تستطيع العمل بحرية بعيداً عن قيود المجتمع المحافظ حينها ابان مشاركتها في تقديم البرامج في الإذاعة هي بالحقيقة “أمة الرؤوف حسن الشرقي” ولدت في 14 ديسمبر1957م بمدينة صنعاء.

كانت بداياتها في منتصف ستينات القرن الماضي، شابة طموحة مكافحة حالمة، عملت في إذاعة صنعاء ثم في التعاونيات والشؤون الاجتماعية والعمل، وأولى الإعلاميات اللاتي عملن في تلفزيون اليمن بصنعاء عند افتتاحه في السبعينات، وكان لها برنامج سياسي شهير “أنا وأنت وهو ” دخلت من خلاله إلى جميع البيوت اليمنية وقلوب المشاهدين، أكملت دراستها الثانوية وانطلقت لاستكمال دراستها الجامعية في مدينة “القاهرة” عاصمة جمهورية مصر العربية.

 

أول امرأة عاملة في صحيفة الثورة الرسمية، ترأست قسم التحقيقات وخُصص لها عموداً بعنوان رؤية وتأمل

تابعت الصعود في سلم الدرجات العلمية وفي عام 1984م تحصلت على الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت رسالتها حول ” تنمية الاتصالات”.

وما إن عادت إلى اليمن، تم تعيينها في المكتب الفني لوزارة الثقافة والإعلام، ولم يشغلها العمل عن الاستمرار في العلم حيث استأنفت دراسة الدكتوراه في عام 1991م بفرنسا حول “علم الاجتماع الريفي الإعلامي “.

رؤوفة التي لا تسعها أحرف اللغة لتعطي جُملاً تعكس قدرها الكبير وأثرها العميق في حياة الأجيال من خريجي قسم الإعلام والمدافعات عن حقوق المرأة في ربوع البلد، ما إن عادت حاملة الدكتوراه، أسست مطلع التسعينيات قسم الإعلام في كلية الآداب لتساهم في وضع اللبنة الأولى لدراسة الإعلام في جامعة صنعاء، ولم تتوقف جهودها عند تلك الخطوة بل كان لها دورًا بارزًا وأساسيًا في أن يكون للإعلام كلية منفصلة قائمة حتى اللحظة، وتخرج على يدها نخبة من كوادر الإعلام اليمني

كانت قد وضعت بصمة لا تنسى في حياة تلك الأجيال

 

د. بلقيس علوان

لا تخلو ذكريات الطلاب من نصائحها وحديثها، كتبت الأستاذة المساعدة في تلفزيون وإذاعة صنعاء بلقيس علوان على حائط د. رؤوفة في منصة فيس بوك مستذكرة عمق الأثر قائلة: “أستاذتي الدكتورة رؤوفة حسن كانت تنادينا بالمواطنين في قاعة الدراسة يا: مواطن يا: مواطنة لم نكن نعي حينها أن غاية ما يمكن أن يتمتع به إنسان في بلده هو المواطنة التي تترتب عليها منظومة الحقوق والواجبات”.

تقول بلقيس: في الدولة المدنية المواطنة وليس غيرها هي معيار النظر والحساب لكل فرد في الدولة ليس المعتقد وليست القبيلة ولا النسب ولا الانتماء. أليست سواسيتنا كأسنان المشط أمام الله عز وجل مواطنة

 

الوجه النسوي البارز:

عُرفت الدكتورة رؤوفة بوهجها الحقوقي النسوي، وشكّلت ثورة حقيقية في إطار دعم المرأة، ورفضت كل أشكال التمييز الذي فرضته ظروف الحياة والمجتمع اليمني القبلي، ونادت بالمساواة. أسست وحدة البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة عام 1993م في قسم الاجتماع بجامعة صنعاء الذي تحوّل إلى مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية 1996م، ثم تطور أكثر ليصبح مركز النوع الاجتماعي. وقفت بقلبها وفكرها الكبير وجسدها اليمني النحيل أمام الأحزاب الدينية الرافضة لثورة الوعي والتمكين النسوي، واعتبرت قضايا المرأة اليمنية والعربية قضيتها الأهم التي لابد من الدفاع عنها وإيصالها إلى مختلف النساء لمواكبة الثورة والفكر التقدمي.

في مقال لها نُشر في 15 يناير 2011م عنونته ب “يحبني ولا يحبني” انتقدت عدم تمكين المرأة سياسياً وعدم السماح للنساء في المشاركة بالبرلمان قالت: “وعد الحصة الانتخابية بأربعة وأربعين مقعداً إضافياً هو الحل الوحيد للنساء وللرجال الذي يرفضون منافسة النساء في المواقع التي اكتسبوها غالباً بصرف الجهد والمال والعلاقات وحتى أحياناً الكرامة، ولن يسمحوا ببساطة بتسليم راية ذلك المقعد لأحد، وأي محاولة هي انتزاع قطعة لحم طازج من مخالب أسد جائع“.

 

تعادُل..

قد يتعدل مع الدستور عدد آخر لا يحصى من القوانين بوجود نساء وروح متجهة للحداثة وطرق أبواب المستقبل، إنها ليست رشوة للغرب، فهي قصة كل بيت يمني لا يفرضها أحد، وليست الحصة الانتخابية محصورة على اليمن، فهي في أنظمة كثير من الدول العربية والإسلامية، حيث تحكم فيها السلطات بقوانين تصنع من برلمانات ومجالس أمة منتخبة من كل الفئات وبحضور وشراكة نساء في كل القطاعات، بما في ذلك الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات السياسية الدينية المعتدلة.

 الحزبيات في أحزاب المعارضة سيبررن فكرة أحزابهن أن حقوق النساء مجرد طُعم لاكتساب شيء بسيط مقابل تمرير قضايا جسيمة، وسيقاطعن فرصة الحصة الانتخابية بدل الاستقالة، وانتهاز الفرصة، فالجسيمة تتم دوماً على حسابهن منذ عشرين عاماً

عيال رؤوفه

في لحظات الضعف التي تمكنت من الدكتورة رؤوفة شنو معارضوها حملات تحريض انتشرت من على منابر الفئات السياسية التي جعلت من “الإسلام السياسي” وسيلة لاستهدافها، أصبح التحريض لاستهداف الدكتورة رؤوفة واجباً لخدمة أجنداتهم العابثة بأفكار المجتمع فهاجموها عام 1999م وأصبحت حياتها مهددة بعد إلصاق تهم التكفير وتحولت العلمانية إلى تهمة، وتمكين النساء ودعمها في الحصول على حق التعليم والعمل أصبح من كبائر الخطايا في قاموس تلك القوى التكفيرية.

فكري قاسم

امتد الصراع الفكري حتى بلغ التنمر على طلاب قسم الإعلام من قبل المتأثرين بحملات التحريض والتشويه لمناداتهم ب “عيال رؤوفة”. يقول الصحفي والكاتب الساخر فكري قاسم مُستذكرًا الراحلة ومتفاخرا بها: “ونحن طلبة في أوائل دفعات كلية الإعلام بجامعة صنعاء، أتذكر أنه كان يُنادى علينا باسم (عيال رؤوفة حسن) وكم كان ذلك النداء يشعرني بالزهو، وكأنهم يقولون لنا يا عيال الشمس “.

وفي حديث مع أحد طلاب الدكتورة قال الصحفي والكاتب أحمد الزرقة مدير قناة بلقيس الفضائية أنه ممتن بأنه تتلمذ على يدها، واستطرد:” تعملنا من الدكتورة رؤوفة ما لم

أحمد الزرقة

نتعلمه من غيرها، كانت تُدرّس مادتها بشكل مغاير ومختلف لما كان يقوم به الآخرون، لم تعتمد على التلقين أو الحفظ بل كانت تنقل تجربتها في الحياة بأسلوب حواري مُدعّم بالأدلة والبراهين، كنا نشعر بالفارق في مستوى الوعي والادراك بعد كل محاضرة نحضرها لها، ويمكن القول أنه لا أحد من طلابها كان يتغيب عن الحضور رغم أنها لم تعتمد على كشف الحضور يوما ما، كانت تحفظ أسماء جميع الطلاب تقريبا وتنادي علينا، كانت تتيح النقاش المفتوح وتسمع كل الآراء المغايرة وتقوم بتفنيدها بكل هدوء وسلاسة.. أعتقد أن عبارة (عيال رؤوفة) كانت بمثابة فخر لجميع من تتلمذوا على يديها وشهادة خبرة وعلامة جودة. لقد خسر الكثيرون لعدم تتلمذهم على يد أم الصحافة والإعلام وصاحبة جلالة الإعلام التنموي، وقد خسرت البلاد برحيلها المبكر، مازلت غير مصدقا أنها رحلت، هي حاضرة في ذهني وفي قلبي، رافقتها كثيرا وعملت معها بعد التخرج في مؤسستها وكانت أستاذة ومعلمة وبمثابة الأم والأخت والصديق “.

 

الحملات المسعورة لم تتمكن من كبح جموح معلمة الأجيال، فقد أقام مركزها النسوي مؤتمراً في العاصمة صنعاء حظي بمشاركة نسوية عربية واسعة ناقش “تحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين “

زادت وتيرة التحريض والوعيد وتحوّلت إلى التهديد بالنيل من أفراد أسرتها، ذلك فرض ذلك عليها واقعًا مريرًا دفعها للخروج من صنعاء إلى القاهرة ، لكنها اعتبرت تواجدها خارج اليمن مرحلة انطلاقة جديدة حيث تفرغت للعلم وتنقلت في عدد من الجامعات العالمية في أوروبا كمعلمة حتى عام 2003م وقد عملت أيضاً مستشارة للأمم المتحدة في البرنامج الإنمائي في اليمن وتونس ولبنان.

 

العودة.. والخلود السرمدي

عادت الدكتورة رؤوفه حسن إلى اليمن في عام 2004م رغم التهديدات، وكانت بذور الأفكار التي غرستها في سنوات نضالها التوعوي قد أثمرت وخففت ضغط التيارات المتشددة وتمكنت من إدارة مؤسسة التخطيط لبرامج التنمية الثقافية التي أنشأتها في مطلع التسعينيات، واصلت نضالها لأجل قضايا المرأة وتمكينهن من خدمة المجتمع وكانت مؤسسة برامج التنمية الثقافية من أوائل مؤسسات المجتمع المدني التي وصلت لمحافظة سقطرى والمهرة وسيئون.

استمرت في رفد الجانب الإعلامي والحقوقي النسوي بالندوات والكتابات ، وحرصت على إسعاد كل من حولها بطريقة أو بأخرى، وكتبت في إحدى مقالاتها الخالدة مخاطبة القراء: “الكثير منا لا يدركون أن سعادتهم وهم يمنحون شخصاً آخر أو أشخاصاً أو مجتمعاً معرفة ما أو مهارة أو نقد أو هدية هي أكبر بكثير مما يقومون بتحليله في ذاتهم والتفكير في تأثيره على أنفسهم. ربما يدركون ذلك لو ناقشوه مع آخرين واستمعوا إلى وجهات نظرهم وقتها فقط يدركون حجم السعادة التي مرت بهم ولم يسجلوها كسعادة خالصة تجعل للحياة والعيد طعما آخر تهون في سبيله كل الصعاب الأخرى التي حدثت خلال التحضير”.

مسيرة

رؤوفة حسن فارسة الاعلام العربي /بقلم : سري القدوةفي مسيرتها النضالية شاركت في عديد من المؤتمرات والندوات منها: حضور مؤتمر المرأة العاملة – جامعة الدول العربية- ليبيا 75م، حضور مؤتمر المرأة العاملة- جامعة الدول العربية- القاهرة 76م، حضور المؤتمر العالمي للفتيات موسكو 75م، حضور المؤتمر العالمي للمرأة برلين، حضور مؤتمر المرأة العربية- اتحاد المرأة العربية- دمشق 76م، حضور مؤتمر العمل العربي- المغرب 80م، حضور مهرجان الشباب العربي الأول الجزائر 72م، حضور مؤتمر الصحفيين العالمي- صوفيا 86م ، حضور مهرجان ملتقى الشباب في الصين.

وشاركت في الندوة الوطنية للأسرة والسكان في عدن من 15-18 سبتمبر 1991م (معدة ورقة)، وأيضاً في المؤتمر الأول للسياسات السكانية المنعقد في صنعاء للفترة من 26-29 أكتوبر 1991م.

دافعت حتى الرمق الأخير على مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة، وساهمت في نقل فكر المرأة اليمنية من مرحلة الرجعية والتسلط الذكوري إلى مرحلة التمكين والوعي مسخرة كل ما تعلمته لكل من يقصدها بغرض التعلم وقالت الصحفية والناشطة الحقوقية بشرى العامري:” حزنت كثيرا في فترة التحريض ضد الدكتورة والذي تسبب برحيلها لفترة زمنية تاركة فراغ كبير في الوسط اليمني ولكن ما اعن عادت الى اليمن حرصت على المشاركة وحضرت لها العديد من الدورات والندوات التي اقامتها كانت امرأة متواضعة وشغوفة وملمة بمجالها ومعطائه واتذكر امرا محزن للغاية فقد رحلت الدكتورة وهي لا تملك شيء حتي قطعة الارض التي كانت تمتلكها لم تسلم في تلك الفترة من ناهبي الاراضي فقدمت الكثير للوطن ولكل من قصدها سائلا العلم او المعرفة “.

 

بعد مسيرة نضالية ورحلة عصامية وكفاح كبير وفي صبيحة يوم الأربعاء  27 ابريل 2011م رحلت الفقيدة الدكتورة رؤوفة حسن عن عالمنا، لتخلّد في صفحات التاريخ اليمني الحديث امرأة عبرت على أزمنة اليمن وشيدت مجدها كأميرة الإعلام اليمني رغم أنف المؤامرات والتحديات وحملات التحريض، غادرت الدنيا لتترك ألماً كبيراً في قلب تلامذتها ورفيقات دربها وكل من عرفها أو تابع حركتها النسوية العظيمة، كتب الكثير من الكُتاب والإعلاميين عن رحيل الدكتورة رؤوفة وقال في رحيلها رفيق طفولتها وزميلها عبدالرحمن بجاش مودعاً:

رؤوفه حسن الشرقي طوبى لتربة احتضنت كل ألقك وحضورك.. لله الأمر من قبل ومن بعد

عبدالرحمن بجاش

وقالت نبيلة الزبير الكاتبة والمدافعة عن حقوق الإنسان معبرة عن عمق الألم والفقد الذي أصاب نساء اليمن برحيل الدكتورة رؤوفة:

نبيلة الزبير

رؤوفة.. حتى الحجارة تبكي لفقدك

كعادتنا نترك النار تذوي على حالها

والنجوم تغيب ولا نتساءل أين

نحن نبكي لأنا تركناك للموت وحدك

تذكرين..؟ مثل هذا الكلام قلته أنت يوما

يوم بكيت على حورية

ولم نتعلم ، لا تعذرينا ، لا سماح لنا

يا صديقة

يوم رحيلك بكت الأرض

كم تعبت لتجمع طينك

ما من امرأة هاهنا بمثل ذكائك

ومثل اتقادك

بلقيس كانت ترى فيك بعض تواجدها في المكان الذي كان يوماً مكانك

أخبرينا؛ هل أخذت المكان معك؟

دعيه لنا، سوف تنبت فيه رؤوفات

نساء يقلدنك، يمشين فيه بمثل خطاك

أنت موصولة بنساء غد يا رؤوفة

أيرضيك هذا؟

نعم سوف تمشين في الغد

وإن كان لا شيء يمكنه أن يحد طموحك.

 

وفي وداع سيدة القلم تساوى جموع المشيعين

كتبت سيدة القلم مفرغة حبرها مودعة عالمنا بمقال اختتمته بعبارة: “سكتت شهرزاد عن الكلام المباح”

 

سماح ردمان

وصل جثمانها إلى صنعاء في 29 أبريل 2011م، وأديت صلاة الجنازة على جثمانها في مسجد النهرين بصنعاء القديمة ، وقالت مديرة إدارة التخطيط باللجنة الوطنية للمرأة سماح ردمان: “كان خبر رحيلها صدمة كبيرة لكل من عرفها فهي لم تكن رئيستي بالعمل ولكنها أستاذتي وملهمتي في القدرة على العمل والبقاء مهما ساءت الظروف، فضل أهلها أن يصلى عليها وتقبر بعيدا عن مماحكات السياسة فهي رحمة الله عليها لم تفرق بين أحد وتعاملت مع الجميع وسعت لتغيير تفكير الكثير من قيادات الدولة من خلال دعمها لهم للخوض في العمل المدني والمؤسسي وكان لها الفضل في إنشاء ملتقى الرقي والتقدم ، وبألم كبير تم الصلاة عليها في ساحة الستين غيابيا وكان هذا بمثابة اعتذار لها ،حيث كان من بين المصلين أفرادا ممن شنوا هجمات التكفير عليها في حقبة من الزمن “.

وكعادتها الأولى في كل شئ كانت أول امرأة تشارك في تشييعها النساء مسقطة كل القيود ، فارضة المساوة حتى بعد رحيلها، واول امرأة مدنية لا تملك منصبا سياديا في الدولة تبث مراسيم تشييعها على القنوات الرسمية ، فقد التف حول نعشها حشوداً مهيبة من المشيعين من مختلف الجهات المدنية والرسمية وكُرمت بمشهد اسطوري لا يتكرر عندما ارتصت الحشود في ساحة الستين لأداء صلاة الغائب عليها تقديرا لما قدمته طيلة حياتها لتنمية فكر المجتمع والنهوض به، سقط المحرضون بجميع تشكيلاتهم وخُلدت الدكتورة رؤوفة في قاموس الثورة النسوية.

التعليقات مغلقة.