كيف تكتب مشروع لمنظمة مجتمع مدني؟

المعلومات الواجب توافرها عند كتابة المشاريع الخاصة بمنظمات المجتمع المدني – شرح شامل لطريقة الكتابة، والمعلومات المطلوبة

كيف تكتب مشروع لمنظمة مجتمع مدني

يملك الكثير القدرة على الكتابة، ولكن كتابة مشروع لمنظمة مجتمع مدني يحتاج إلى مهارات خاصة يمكن تعلمّها من خلال الممارسة والاطلاع على نماذج مشاريع سابقة أو الانخراط في دورات تدريبية متخصصة بكتابة المشاريع، ولكن أغلب المدربين الذين يقومون بتقديم مواد متخصصة بكتابة المشاريع، يبدأ بجملة لطالما قامت بتشتيت المتدربين وهي: الإجابة على الأسئلة الستة!

وبغض النظر عن ماهية الأسئلة، فيجب التوقف فورًا عن تداولها، والدخول بشكل مباشر في آلية كتابة المشاريع دون تعقيد المسألة. لذلك سأدخل معكم بشكل مباشر في آلية كتابة المشاريع، علمًا إن لكل جهة مانحة طريقة خاصة أو قالب خاص في استقبال المشروع، كما أن هناك طُرق مختلفة لكتابة المشاريع، ولكن بشكل عام هناك عدد من المحاور التي يجب كتابتها، ولن تخلوا كل الاستمارات الخاصة بالمانحين من هذه المعلومات.

 

كيف تكتب مشروع لمنظمة مجتمع مدني
مشروع, منظمة مجتمع مدني

 

المعلومات الواجب توافرها عند كتابة المشاريع الخاصة بمنظمات المجتمع المدني – شرح شامل لطريقة الكتابة، والمعلومات المطلوبة

 

عنوان المشروع:

يتم كتابته بعد الانتهاء من كتابة المشروع، ويكون معبّرًا عن أنشطة المشروع، أو اختصارًا تسويقيًا للهدف العام للمشروع، وفي حال كان لديك عنوان، يمكن وضعه.

 

مثال..

مشروع توعية العمال بحقوقهم المكفولة في القانون (حق)

حق: هنا كلمة تسويقية، يمكن بناء لوجو المشروع اعتمادًا عليها

 

ملخص المشروع:

يتم كتابة الملخص بعد الانتهاء من كتابة المشروع، حيث يكون لدى كاتب المشروع فكرة عامة عن كل أنشطة المشروع وأقسامه، وهنا يمكنه تقديم نبذة لكل مكونات المشروع ونشاطاته، ولا يحتوي على أي كلام خارج سياق الأنشطة.

مثال:

تتلخص فكرة المشروع في توعية العمال بحقوقهم في القانون عبر ارشادهم بآليات الحصول عليها وحمياتها، وتحفيز المجتمع لعدم انتهاكها، حيث سيتم عمل حملة إلكترونية توعوية بالمواد القانونية وأماكن تقديم الدعم القانوني والحقوقي، وإطلاق أفلام تقوم بتلخيص القانون وشرحه بشكل سهل وسلس، وعمل نزول ميداني لأماكن سكن العمال وعمل محاضرات توعوية لهم واعطائهم مطبوعات المشروع ، كما سيتم تنظيم جلسة تشاورية بين عمال وأطراف متصلة بإعمال القانون وتشريعه وجلسة أخرى مع وسائل الإعلام.

 

مقدمة/خلفية المشروع:

هذا البند هو الأكثر أهمية في المشروع كله، هو ما يتم قراءته عمومًا من قبل المانح، ومن خلال المقدمة يتم عرض المشكلة وارتباطاتها بالجمهور المستهدف، ويتم كتابتها وفق قاعدة الهرم المقلوب، وهي ما تعني إبراز المعلومات الأكثر أهمية في البداية، ثم شرح تبعات المشكلة وارتباطاتها بالفئة المستهدفة، ثم تقديم أرقام واحصائيات من دراسات، تقارير.. إلخ وتكون بمثابة تأكيد لوجود المشكلة، وفي آخر فقرة من المقدمة يتم ربط كل ما ذُكر في الأعلى بهدف المشروع، أي إننا سنقوم باستخدام أنشطة محددة لمعالجة هذه المشكلة، أو للمساهمة في الحد منها، أو لرفع وعي المجتمع بخطورتها، وهذا الأمر بحسب نوع المشكلة ومنطقية الأنشطة والقدرات الخاصة في العمل عليها.

مثال:

تُشكّل العمالة المُهاجرة في البلاد نحو 60% من عدد السكان حسب إحصاء سنة 2022 الصادرة عن المركز الاحصائي، ويعمل المهاجرين في القطاع الخاص بنسبة 95% حسب ما أشار مكتب الخدمة المدنية في تقريره الصادر عام 2022، وارتفاع أعداد العمال المهاجرين في البلاد يشكل معضلة في المجتمع، إذ يشكو المواطنين من استحواذ العمال المهاجرين على الوظائف وعلى تأثيرهم الثقافي على السكان الأصليين كما أشار تقرير صحفي منشور في ….

وبين الفترة والأخرى تبرز خطابات عنف وكراهية ضد وجود العمالة في البلاد متهمين إياهم باستنفاذ الموارد الاقتصادية بسبب التحويلات المالية لبلدانهم، كما يتم اتهامهم بتلويث البيئة وبأنهم سبب الاكتظاظ المروري و..إلخ ويمكن رصد هذه الخطابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومنذ تفشي وباء كورونا في البلاد، عادت إلى السطح خطابات الكراهية ولكن بشكل أكبر هذه المرة، وعادت معها أصوات تطالب بترحيل أكبر قدر ممكن من العمال المهاجرين، وفيما يبدو فإن البلاد ستتجه إلى تطبيق هذا الخيار، وهذا ما قد يؤثر على حقوق العمال، بالتالي لعله من الجيد أن يتم لفت الأنظار العمال إلى حقوقهم الواردة في القانون وآلية حمايتها.

يقوم قانون العمل بتنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل، ويحمي قانون الإقامة حقوق غير المواطنين في حال كانوا غير مخالفين لقانون الإقامة، وخلال الفترة الماضية قمنا بتصميم استبيان وشاركناه مع عدد (…) عامل مهاجر ولاحظنا خلاله أن هناك انخفاض في الوعي القانوني لدى الكثير لأسباب متعددة منها كثرة القرارات الصادرة وتداخلها ومنها عدم الاهتمام بالوعي القانوني، كما لاحظنا أن هناك عدم معرفة بأماكن تقديم الدعم القانوني والحماية القانونية، وقد صممنا هذا المشروع بناء على مخرجات الاستبيان بهدف رفع الوعي لدى العمال المهاجرين، عن طريق عدد من الأنشطة التي تساهم في رفع الوعي القانوني للفئة المتسهدفة والجهات ذات الصلة.

 

الأهداف/نظرية التغيير:

بعد مقدمة المشروع نكتب شيء اسمه نظرية التغيير، والنظرية هنا عبارة عن افتراضات قد قمنا بتأكيدها في مقدمة أو خلفية المشروع وفق أرقام واحصائيات ونتائج دراسات سابقة أو بنتائج استبيان أجريناه أو بأي شكل من أشكال الاثباتات، مثلًا: في مشروعنا لدينا افتراض إن ترحيل العمال سيؤدي بالضرورة إلى انتهاك حقوقهم وأن العمال لن يتمكنوا من ايجاد وسائل دعم لانتزاع حقوقهم أو حمايتها، وهذا الافتراض قد قمنا بإثباته في المقدمة من خلال الاستبيان الذي قمنا من خلاله بسؤال العمال عن معرفتهم بأماكن تقديم الدعم وأفاد الكثير منهم بأنهم لا يعرفون أي مكان يلجأون إليه في حال تعرضت حقوقهم للانتهاك، لذلك فإن نظرية التغيير الخاصة بنا، هي التي سيتم من خلالها تحقيق الهدف الذي نرغب بالوصول إليه (هدف المشروع) والهدف هو: توعية العمال بحقوقهم، ونظرية التغيير مبنية على افتراض إنه في حال ارتفع وعي العمال بحقوقهم فإنهم سوف يلجأون لأماكن تقديم الدعم بالتالي لن يتعرضوا لانتهاكات في حقوقهم العمالية، كما أنهم كلّما التزموا بقانون الاقامة فإن وضعهم القانوني سيجعلهم في حماية من أي اجراءات حكومية.

وهنا أشير إلى أنه من المهم أن يكون المشروع مترابط، سلسلة متكاملة من الافتراضات واثباتاتها، ووضع نظريات للمساهمة في توفير حلول ومعالجات لهذه المشاكل.

كما أود التأكيد على مسائل مهمة في طريقة كتابة نظريات التغيير أو ما يطلق عليها الأهداف الذكية، وهذه المسائل هي التالي:

  • يجب أن يتم التفريق بين الهدف وبين النشاط، فالهدف غاية لكن النشاط وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
  • يجب أن يكون الهدف، محدّد، بمعنى غير مفتوح، بمعنى أدق أنه لا يجب أن نقول بأننا سنقوم برفع وعي المجتمع المحلي، يجب أن نقوم بتحديد الفئة المستهدفة بشكل دقيق، وكلما كانت الفئة المستهدفة أقل، كانت قابلة للقياس.
  • يجب أن يكون الهدف قابل للقياس، بمعنى يمكن قياس تحقيق نجاحه في الإطار المنطقي للمشروع، وهذا سأتحدث عنه لاحقًا، مثلًا (رفع وعي المجتمع المحلي) هذا هدف فضفاض وغير قابل للقياس، لكن استهداف المجتمع المحلي في منطقة كذا، شارع كذا، هذا هدف محدد وقابل للقياس.
  • يجب أن يكون الهدف منطقي وواقعي، بمعني يجب أن نكون مدركين لنقاط القوة الخاصة بنا ونقاط الضعف والتهديدات الداخلية والخارجية (تحليل سوات SWAT) بمعنى أننا غير قادرين على رسم خارطة طريق لمواجهة التغير المناخي، هذا أمر فوق امكانياتنا كمنظمة مجتمع مدني تعمل بتمويل محدود، لكننا قادرين على تقديم توصيات للجهات الحكومية فيما يتعلق باستخدام الطاقة الاحفورية والانتقال إلى الطاقة المتجددة، وهذه التوصيات ستكون عبر دراسات، تقارير، حلقات نقاش علمية… الخ
  • يجب أن يكون الهدف قابل للتحقيق، بمعنى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقوم مثلا بالقضاء على العنف الموجه ضد المرأة من خلال مشروع مدته سنتين، التغيير بالقناعات أمر يتطلب وقت، وجهد، لذلك يجب أن ننتبه لاستخدام المصطلحات عند كتابة الأهداف.

 

مثال: انقر هنا لقراءة هذا المشروع الذي يحتوي على تقسيمات خاصة بنظرية التغيير

 

الأنشطة:

لتحقيق أهداف المشروع، هناك عدد من الأنشطة التي يجب القيام بها، قد تكون أنشطة غير مترابطة مع بعضها البعض، وقد تكون مترابطة، في حال كانت مترابطة فيتم تقسيمها إلى أقسام أو مكونات، وكل قسم يندرج تحته أكثر من نشاط، وإن كانت غير مترابطة، فيكون كل نشاط على حده.

يجب الانتباه إلى التالي:

إذا كان هدفنا رفع الوعي، فمن الهدف أن نقوم بكتابة الأنشطة التي تحقق هذا الهدف، بمعنى إن الأنشطة ليست مجرد فعاليات، ولكنها رؤية لتحقيق الأهداف الخاصة بالمشروع، والتي ستقوم بمعالجة المشكلة التي افترضنا وجودها ووضعنا نظرية لتغييرها (لذلك النشاط يقوم بتحقيق الهدف).

كما يجب الانتباه عند كتابة النشاط، إلى تقديم الشرح الوافي له، بمعنى أنه لا يمكن أن أقول بأننا سنقوم بعمل فلم وثائقي، ينبغي تقديم تفاصيل أكبر عن الفلم، وعن محاوره، وعن مدته، وعن هدفه، وعن الشخصيات التي سيتم الجلوس معها، وعن القضايا التي سيتم التطرّق إليها، وعن طريقة عرضه، ومكان عرضه، والهدف من إعداده.. الخ، هذا يؤدي لنتيجة مفادها إن كتابة المشروع كان مبني على رؤية دقيقة ومعرفة تمامة بالمشكلة وطريقة حلها.

 

الفئة المستهدفة من المشروع:

بشكل أكثر توضيح، يتم كتابة الفئة هنا، حتى وإن تم كتابة الإشارة لها في نظرية التغيير، يتم أيضًا كتابتها هنا لسهولة الوصول إليها.

 

المخرجات

بالعادة تكون المخرجات متوقعة من خلال الأهداف والأنشطة، بمعنى إنه إذا كان لدي هدف الوصول إلى 100 فاعل مدني مؤهل بأساسيات حقوق الإنسان، فإن المخرجات هي وجود 100 فاعل مدني مؤهل بأساسيات حقوق الإنسان.

أيضًا، إذا كان لدنا نشاط بكتابة 10 تقارير صحفية عن قضايا البيئة، فإن المخرجات هي وجود 10 تقارير صحفية عن قضايا البيئة، وهكذا.

 

المتابعة والتقييم:

المتابعة والتقييم هي عملية مستمرة منذ كتابة المشروع وحتى الانتهاء من قياس تحقيقه، وقد تستمر إلى أبعد من ذلك (قياس الأثر العام للمشروع).

تختص المتابعة بالتزام فريق العمل بتنفيذ أنشطة المشروع وفق خطة العمل، فيما يكون التقييم بمراقبة الأداء العام للفريق، وجودة تنفيذ الأنشطة، والتفاعل المجتمعي معها، وردود الفعل حيالها، ومدى استفادة المستهدفين من الأنشطة، وهذا البند في العادة يكون عبارة عن نموذج خاص بالمنظمة، وكل جهة لديها طرقها وأساليبها في المتابعة والتقييم، ولكن من المهم أن تكون المتابعة وفق منهجية واضحة، وأن يكون التقييم مبني على مخرجات يمكن الاستشهاد بها.

 

الإطار المنطقي:

أكثر أمر مهم عند كتابة المشاريع هو تحديد الإطار المنطقي، وهو بمثابة تنظيم لكل المشروع بشكل مرتب ومتناسق، ويمكن اختصاره بالشكل التالي:

مثلا لدينا مشروع حول رفع وعي الصحفيين بمفاهيم الأمن الرقمي

الهدف

النشاط

المخرجات

النتائج

القياس

رفع وعي 40 صحفي بالحماية الرقمية

تنفيذ دورة تدريبية حول مفاهيم الأمن الرقمي

تدريب 20 صحفي استفادوا من النشاط

المتدربون يغيرون سلوكهم في التعامل مع الأدوات الرقمية

50 %

كان الهدف لدينا تدريب 40، ولكن لسبب ما تم تدريب 20 لذلك نسبة تحقيق الهدف هي النصف

 

باختصار يمكن شرح الإطار المنطقي إلى أن الهدف يقوم بإنتاج نشاط، والنشاط يؤدي إلى مخرجات، والمخرجات تؤدي إلى النتائج، والنتائج التي يمكن قياسها هي التي تحقق أهداف المشروع.

 

الأثر:

الأثر هو أمر حتمي، كل مشروع وكل نشاط لديه أثر، سواء كان أثرًا ايجابيًا أو سلبيًا، ويتم قياس الأثر إما أثناء فترة تنفيذ المشروع، أو بعد الانتهاء منه.

 

نبذة عن المنفذين:

يتم هنا كتابة نبذة عن الجهة التي ستقوم بتنفيذ المشروع، ويتم الإشارة إلى ارتباطها بالمشكلة التي ستقوم بمعالجتها، وخبراتها المهنية في سياق المشكلة.

التعليقات مغلقة.