كيف يمكن مواجهة الجوع؟

ثمة أناس لا يجدون لقمة العيش بما تعنيه الجملة حرفياً وبلاغياً، (ر.م.) إمرأة أربعينية ملونة فقدت عائلها العامل في الأجر اليومي بعدما زُج به في المعتقل منذ أكثر من عام ونيف.

هي من محافظة «تعز – الضبة – مُديرية الصلو»، لديها طفلين يُعانيان من سوء تغذية حاد يطال ما يزيد عن مليوني طفل، يتكوّن منزلها من غرفة واحدة وحمام صغير يحوي أوعية أصغر، تم ملئها بالماء لاستخدامه في أغراض الطباخة والحمّام. غرفة واحدة تأويها مع أطفالها الخمسة، لا غذاء متوفّر في المنزل، لا عائل للأسرة التي تُريد أن تأكل لتعيش.

«المال مُقابل الغذاء» دفع الأم للعمل كمزارعة في القرية، قالت «أعمل أنا وابني الأكبر لمدة ست ساعات يومية مُقابل مبلغ قليل، وأحياناً يعطوني بعض القمح والرز لأن أصحاب المزارع يجعلوني أعمل معهم كنوع من مساعدتي، هم أسر فقيرة في الأساس لكنهم أفضل مني قليل».

الأجر زهيد، لا يمنحها سوى وجبتين تعين أسرتها على البقاء، والعمل غير متوفر لأن مجال الزراعة بتوفر فقط في موسم المطر، أما في الشتاء فلا عمل لديها، لذا يأكلون وجبة فقط «الغداء» ثم مواجهة الجوع بقية اليوم خوفًا من جوع الشتاء.

الخوف من جوع الشتاء دفعهم لأكل وجبة واحدة فقط، لكن هذا الأمر لم ستمر طويلًا.

«مؤسسة تمدين شباب» (TYF) وضمن تدخّلاتها الانسانية، وفرّت قسائم غذائية شهرية لها ولعدد من الأسر، كعمل إغاثي غذائي، أنهت بذلك هم الخوف من الجوع لدى الكثير. يتحدث حسين السهيلي رئيس المؤسسة أن المؤسسة كانت أول منظمة مجتمع مدني محلية تُساعد في كسر طوق الحصار عن مدينة تعز، بذلنا جهود تنسيق مُكثّفة لإدخال المعونات ومواد الإغاثة والمستلزمات الطبية، أثمرت تلك الجهود عن إدخال سلل غذاء، غسلات مرضى الفشل الكلوي، أسطوانات أكسجين للمستشفيات الحكومية، مواد كيماوية لمواجهة الاحتياجات الطارئة لمرضى السرطان، وضخ مياه صالحة للاستخدام ومياه نقية لمراكز الغسيل».

 

إغاثة أم تنمية؟

في اليمن، ثمة قصة ومأساة، وثمة أُناس لا يعرف عنهم أحد يواجهون الموت جوعاً بتحدٍ وإصرار وغريزة في البقاء أحياء، بعضهم تنقذهم قسائم الغذاء وبعضهم لا يصل إليهم شيء ويُحدث أضرار بالغة قد تصل إلى الموت جوعاً أو الانتحار، بالمقابل ثمة أناس تعدّوا مرحلة مواجهة الجوع وآمنوا بألّا تعطيني السمك ولكن علّمني الاصطياد.

يقول الناشط الحقوقي ريدان عز، إن العمل التنموي يضمن الاستمرارية، ووجوده مهم سواء كانت البلد مُستقرّة أو لا، وليس كما العمل الإغاثي الذي يكون محصوراً أثناء الكوارث، فيما يقول الصحافي صلاح الجندي، إن التنموي يُسهم في تنمية جميع الموارد، بما فيها البشرية، بينما يقوم العمل الإغاثي بإضافة الاتكالية على المجتمع وتعويدهم على انتظار المساعدات بالتالي ازدياد البطالة.

مسألة تأييد العمل التنموي على حساب العمل الاغاثي هو أمر يرفضه «حمزة الحمادي»، فبإمكان العملية أن تكون متوازية، وليس التنمية بدلًا عن الإغاثة، إذ أنه لا يمكن أن تأخذ شاب من منطقة نائية وتخبره أنك ستقوم بمساعدته على فتح مشروع، من دون أن تقوم بتعليمه طريقة إدارة المشروع لتضمن الفائدة المجتمعية والاستدامة المالية، سيحتاج ذلك من الشاب أن يتفرغ، وفي حال كان عاملًا فمن غير الممكن أن يتفرّغ، لأن ذلك سيحرمه مصدر دخله الأساسي الذي يعتمد عليه في معيشته وربما إعالة أسرة أو أكثر.

التعليقات مغلقة.