كوتا للجاليات

تقرير خاص عن وضع العمالة المهاجرة في الكويت

ماذا حدث خلال ربع عام؟

شهدت فترة التقرير أحداث مختلفة، لعل أبرزها الجهود الرسمية في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر بعد الكشف عن وجود شركات وهمية، وأخرى لا مقار لها، كما تم اقتراح تخصيص كوتا لكل جالية بحيث لا تتجاوز 10 بالمائة من عدد الكويتيين.
كما شهدت الفترة أحداث أخرى بالغة الأهمية في سبيل حماية وضمان حقوق العاملين في الكويت حيث تم التوقيع من الجانب الحكومية ومنظمة العمل الدولية على أول برنامج وطني للعمل اللائق في البلاد، بهدف تحسين مهارات العاملات والعمال الوافدين وتعزيز الحوار الاجتماعي، وكانت الدكتورة ربا جرادات المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية قد أشارت إلى أن هناك تحسنًا في أوضاع العمالة المنزلية في الكويت تعليقًا على خطوات الحكومة في تحسين وضع العاملين في الكويت، وأشارت إلى أن الحكومة الكويتية طلبت من المنظمة المساعدة في مجال تحسين أوضاع العمالة المنزلية وأبدت استعداد المنظمة لتقديم كل الدعم الفني.
وتأمل الحكومة الكويتية أن تقوم بتنظيم سوق العمل حيث عقدت الهيئة العامة للقوى العاملة اجتماعًا موسعًا لإعادة تنظيم العمالة الوافدة وأبدت حرصها على معالجة أوضاع العمالة المخالفة وتطبيق القانون على أصحاب الشركات التي يثبت بحقها مخالفة الأنظمة والقوانين، لاسيما بعد أن تم ضبط عصابة تقوم بتزوير أرقام الرمز الآلي للمؤسسات مقابل ألف دينار للمعاملة، لتسهيل استخراج تراخيص الشركات الوهمية والاتجار بالبشر.
وفيما ظل ملف العمالة المنزلية محل جدل، حيث صرحت وزيرة الشئون الاجتماعية أن هناك عملية “ربط آلي” بين الكويت والدول المصدرة للعمالة سيكون قريبا وقد تم أخذ الحالتين المصرية والهندية كنموذج، دون الإعلان عن الموعد المحدد لذلك.

 

كوتا لكل جالية ومدن خاصة بالعمال..

اقترحت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بالبرلمان الكويت نصًا يلزم مجلس الوزراء بـ” تحديد نسبة “كوتا” لكل جالية لا تتجاوز 10 في المئة من عدد الكويتيين، مع ما يتطلبه ذلك من إلزام وزارة الداخلية بإيقاف منح الإقامات لأي جالية تتجاوز هذه النسبة واتخاذ التدابير اللازمة لذلك خلال ثلاث سنوات”  ما يعادل 140 ألفًا لكل جالية حيث أن عدد سكان الكويت 1,404,745 كما يشير احصاء السكان اليومي .

يؤكد الاقتراح أن على وزارة الداخلية مراجعة نسب الجاليات المقيمة سنويا لتقرر رفعها أو تقليصها وفقا لضوابط، علمًا بأنه في العام 2016 كانت وزارة الداخلية قد طالبت بتحديد كوتا لكل جنسية دون استثناء  حيث اقترحت وقف استقدام الجنسيات المتضخمة أعدادها مع التوجه لاستخدام العمالة من الداخل بدلًا من استقدامها من الخارج، إضافة إلى استمرار حملات إبعاد المخالفين لقانون الإقامة، وإقامة المدن العمالية ومنع العزاب من السكن في الأماكن التي تقطنها العائلات.

وحول مسألة اقامة المدن العمالية، أوصت لجنة الاعتراضات والشكاوى في المجلس البلدي إلى استخدام الحزم في تنفيذ اللوائح والقوانين الخاصة بمنع سكن العزاب في المناطق النموذجية، مشددة على ضرورة بناء مدن عمالية جديدة مع توجيه الهيئة العامة للمعلومات المدنية إلى عدم صرف البطاقات المدنية لأي عازب يسكن في مناطق السكن الخاص وفقا لمقترح تقدم به محافظ العاصمة وذلك في ورشة عمل هي الأولى من نوعها تحت عنوان “اختلال التركيبة السكانية في السكن الخاص” .

ولاشك أن اختلال التركيبة السكانية في الكويت هو العنوان الأبرز للعام المنصرم 2018، وبناء عليه تم تشكيل لجنة برلمانية “الإحلال وأزمة التوظيف” وقامت بعمل مسودة تقرير لسياسة الحكومة بتطبيق الاحلال وايجاد حلول لتوظيف الكويتيين.

 

كم عدد المخالفين في الكويت؟

كشفت إحصائيات ديوان الخدمة المدنية أن نحو 7500 مواطن التحقوا بالعمل في القطاع الحكومي منذ يناير الفائت غالبيتهم من الاناث بإجمالي ستة الاف موظفة بنسبة 47 في المائة مقابل 1500 من الذكور بنسبة 30 في المئة، مظهرة في الوقت ذاته تراجع أعداد العاملين من الخليجيين والوافدين خلال الفترة ذاتها بإجمالي 2.8 الف موظف، وذكرت الإحصائية أن أعداد العمالة العربية والاسيوية بلغت 78 ألفًا بما نسبته 22.24 في المائة من اجمالي العمالة، فيما كان تعدادهم في الأول من يناير نحو 81 الفا و184عاملا، ما يشير إلى تراجع اعداد العمالة الوافدة غير الخليجية بنحو 2.8 الف عامل خلال 2018  .

من ناحية أخرى، أصدرت الإدارة العامة لشؤون الإقامة احصائية بعدد مخالفي قانون الإقامة، حيث بلغ عدد المخالفين حتى نهاية العام 2018 عدد 109 آلاف و721 مخالفا، منهم 61500 ألفًا من الذكور و48215 من الاناث أغلبهم من العمالة المنزلية، مصادر أمنية قالت لصحيفة الجريدة إن وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الاقامة، الذي باشر أعماله مؤخرًا، عقد اجتماعا مع قيادات القطاع لوضع آلية خاصة بتقليص أعداد المخالفين، خصوصا أن التقارير التي تم إعدادها من الجهات الرقابية في قطاع الاقامة اظهرت أن المهلة التي منحتها وزارة الداخلية للمخالفين خلال الفترة الماضية لم تؤتِ بثمارها ولم يغادر عدد كبير من المخالفين، وأضافت المصادر أن الوكيل طلب من قيادات القطاع التنسيق مع الجهات الأمنية المساندة بالوزارة بشأن مخالفي قانون الإقامة عن طريق إلقاء القبض عليهم من خلال الحملات الأمنية ونقاط التفتيش، مشيرة الى أنه شدد على القيادات بعدم التساهل مع المخالفين، واحالتهم إلى إدارة الإبعاد، تمهيدا لإبعادهم عن البلاد، ووضع قيود أمنية تمنع دخولهم مرة أخرى.

 

مكافحة الاتجار بالبشر..

تبذل الأجهزة الأمنية في الكويت جهود مضاعفة من أجل مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وذلك تنفيذًا لتعليمات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، جاء هذا التركيز بعدما كشفت تحريات عن وجود شركات وهمية وأخرى لا مقار لها، وقد أحالت، الأجهزة الأمنية، نهاية العام 2018 عدد 5 شركات إلى النيابة العامة بتهمة الاتجار بالبشر، بعد توصل تحرياتها إلى أن تلك الشركات تاجرت بإقامات نحو 2000 عامل بإصدار تأشيرات وهمية لهم، لتحصّل، من تلك التجارة المُجرّمة التي تصل عقوبتها إلى السجن، مبالغ كبيرة تصل إلى مئات الآلاف من الدنانير، وقالت مصادر أمنية أنه تم خلال هذا العام احالة 10 قضايا إلى النيابة من هذا النوع، تتضمن أعداداً كبيرة من العمالة، بعضها دخل إلى البلاد وآخرون مازالوا ينتظرون، مبينة أن النيابة أصدرت قرارات بحجز هذه العمالة على ذمة التحقيقات، مع انتظار الملفات الأخرى التي ترد إليها من الداخلية للتحقيق معها في ضوء التحريات والأدلة المحالة .

تواصل فريق تحرير “مراقبون ” في قناة فرانس 24 بالجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بتاريخ 8 كتوبر/ 2018، من خلال الخط الساخن وأبلغوها بوجود عاملة منزلية اسمها ديزيريه ومعها 5 عاملات أخريات محتجزات في سكن خاص بمكتب استقدام ويتعرضن للتحرش الجنسي من قبل مدير المكتب والذي يطلب علاقة جنسية منهن مقابل الطعام أو الماء المصفى، مما جعل الجمعية تتحرك على الفور وتطلب من السلطات الكويتية التحرك السريع لإنقاذهن، من خلال الاتصال بقسم التحقيقات الجنائية وتقديم شكوى ضد مدير مكتب التوظيف، حيث حاصرت قوات الأمن المبنى مساء يوم 8 أكتوبر ودخلت الشقة، وتم اعتقال مدير مكتب التوظيف وتم فتح تحقيق بشأن الاتجار بالبشر، ومن ثم نقل العاملة المنزلية إلى مركز الإيواء وبعد أيام سافرت إلى بلادها، في غضون ذلك أخذت إدارة العمالة المنزلية في وزارة الداخلية زمام الأمور بنفسها وأغلقت مكتب التوظيف المعني. وقد تم الإفراج عن 25 عاملة، بما في ذلك “زميلات السكن” الخمس اللاتي كنّ مع ديزيريه، من عدة شقق وتم إيواؤهن في مركز إيواء العمالة الوافدة الحكومي .

 – رصدت إدارة العمالة المنزلية اعلانا على حساب «إنستغرام» عن وجود عمالة منزلية متوافرة للعمل بشكل يومي وأسبوعي وشهري، حيث وجه مدير إدارة العمالة المنزلية بضرورة التواصل مع صاحب الإعلان ومعرفة حقيقته، حيث تم استدراجه ومن ثم ضبطه وقد اعترف بأنه يمتهن الاتجار في العمالة المنزلية الهاربة والمتغيبة بل أنه يُحرّض العاملات على الهرب من كفلائهن مقابل تشغيلهن ويتقاضى عمولات منهن بواقع 50% من قيمة العقد .

 

العمالة المنزلية

ما يزال ملف العمالة المنزلية في الكويت يحظى بشد وجذب، لاسيما في ظل ما شهدته الكويت من أحداث مع الدول المصدرة للعمالة المنزلية لعل أبرزها الفلبين، على الرغم من أن العام 2018 شهد انخفاضًا في عدد القضايا المرفوعة ضد العمالة المنزلية بحسب ما كشفته الإحصائية السنوية الصادرة عن وزارة العدل في شأن عدد قضايا العمالة المنزلية، حيث بلغت 96 قضية اتهم فيها 100 من العمالة المنزلية

وعلى الرغم من أن الكويت تعد من أفضل دول الخليج للعمالة المنزلية كبيئة عمل وحفاظ على الحقوق ووجود قانون ينظم علاقة الطرفين، إلا أن هناك تخوفات من ارسال العمالة المنزلية من الدول المصدرة للعمالة، أدى هذا التخوف إلى تقليص عدد العمالة في الكويت بعد توقف عدد من الدول لعمالتها النسائية بالقدوم للعمل في الكويت، فإندونيسيا كانت من أولى الدول التي أوقفت تصدير عمالتها المنزلية النسائية لجميع دول المنطقة ومنها الكويت عام 2008، كما أن إثيوبيا أوقفت التأشيرات لعمالتها إلى الخارج باستثناء 3 دول هي “السعودية، قطر، والأردن” لكونهن يرتبطن معها باتفاقيات ثنائية، وبذلك تدخل الكويت ضمن الدول المحظور سفر العمالة الاثيوبية إليها ، واجه ذلك اصدار تعميم من الإدارة العامة لشؤون الإقامة تعميماً بوقف إصدار تأشيرات الدخول للعمالة المنزلية من الجنسية الإثيوبية .

الهند أيضًا أوقفت عمالتها المنزلية النسائية للكويت، ووضعت عدة شروط لعودتها، ولكن حتى الآن لم يتم حسم عودتها، فيما حظرت الفليبين سفر عمالتها للكويت العام الماضي، وحتى اليوم ما تزال هناك عراقيل ولم تفتح بعد .

ووفقا للتوصيات الموجهة لدول مجلس التعاون الخليجي في الاستعراض الدوري الشامل الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فإن التجاوزات التي تحدث في الكويت أقل من دول خليجية أخرى، فالكثير من الدول المصدرة للعمالة تحجم عن إرسال عاملات المنازل للكويت لعدة أسباب، من أبرزها الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات، بالإضافة إلى عدم توفير الضمانات الكافية لتمتعهن بحقوقهن المنصوص عليها في القانون 68 /‏2015 في شأن العمالة المنزلية والقرارات المنفذة له، ورفض الكويت لمطالبات بعض الدول المرسلة للعمالة المنزلية حول بعض الاشتراطات في سبيل توفير الحماية لعاملاتها، كما أن نظام الكفيل وتبعاته السلبية أحد أهم اسباب العزوف والذي يعطي صلاحيات واسعة لأصحاب العمل في تحديد ظروف عملهن ومعيشتهن، مما يجعل الكثير منهن عرضة للاستغلال وسوء المعاملة والعمل الجبري، والحرمان من حقوقهن الأساسية في العمل.

بشكل عام تعاني العمالة المنزلية من انتهاكات عدة، من أبرزها طول ساعات العمل بدون راحة، والعمل لفترات طويلة من دون أجر إضافي، والتأخر في صرف الأجور الشهرية، والحرمان من الحصول على إجازة سنوية أو راحة أسبوعية، ومنعهم من الخروج لقضائها، ومصادرة جوازات السفر من قبل الكفلاء، والإساءة الجسدية والنفسية والجنسية، كما يقع العديد من عمال المنازل المهاجرين ضحايا للاستعباد عند الاستدانة كجزء من ظروف توظيفهم من مكاتب الاستقدام. وفي أغلب الحالات يُستغل الضحايا عن طريق الإخلال بعقود عملهم، وتخفيض أجورهم أو عدم دفعها.

ونظرًا لما يشكله ملف العمالة المنزلية من تعقيدات، فقد قامت وزيرة الشؤون الاجتماعية بزيارة عدد من الدول الآسيوية، لمناقشة جلب العمالة المنزلية والاتفاق على التكاليف والأجور، وكانت قد أشارت إلى أن هناك “ربط آلي” بين الكويت والدول المصدرة للعمالة سيكون قريبا وقد تم أخذ الحالتين المصرية والهندية كنموذج، والجانب المصري مستعد وسيكون الربط قريبا.

بالمقابل وطبقاً لتوصيات وزارة الصحة فقد تم الاقرار بضرورة فحص العمالة المنزلية لرعايا بعض الدول، الذين يغادرون البلاد ثم يعودون إليها بعد انتهاء فترة سفرهم، ودعت الإدارة أصحاب العمل “مواطنين ومقيمين” إلى ضرورة مراجعة وزارة الصحة ممثلة بإدارة الصحة العامة وذلك من أجل تجديد الفحص الطبي للعمالة المنزلية التي بكفالتهم مباشرةً بعد عودتهم إلى البلاد من الخارج.

فيما منعت إدارة شؤون الإقامة التابعة لقطاع الجنسية والجوازات دخول العمالة المنزلية من دولة غينيا بيساو إلى جانب منع دخول العمالة من دولة فيتنام ، ما جعل الهيئة العامة للقوى العاملة تبحث عن آلية استقدام عمالة منزلية من جمهورية غانا لتوفير احتياجات سوق العمل.

وفي سياق ملف العمالة المنزلية، كانت الهيئة العامة للقوى العاملة قد عقدت دورة تدريبية بعنوان “اجراءات التحقيق في منازعات العمالة المنزلية” وذلك ضمن أعمال لجنة متابعة انتقال العمالة المنزلية والتي تم تشكيلها لمتابعة أعمال انتقال العمالة المنزلية من وزارة الداخلية إلى القوى العاملة، تم تقديم الدورة للمتدربين القانونيين وشرح جميع الجوانب المتعلقة بقانون العمالة المنزلية رقم 68/2018م والقرارات المنفذة له.

 

© تم إعداد التقرير للجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، راجعه قانونيًا صالح حسن الحسن
يرجى العلم بأنه تم إزالة الهوامش والتواريخ من التقرير الأصل، يمكن الاطلاع عليه PDF عبر
عربي: النقر هنا
انجليزي: النقر هنا

التعليقات مغلقة.