كيف تنظر قوانين الصحافة اليمنية للحرية الدينية؟

القوانين والحرية الدينية.. الغلاف

تتمترس القوانين اليمنية فيما يتعلق بالحرية الدينية حول عدم جواز العبور نحو الديانات الأخرى بحيث تصل عقوبة العبور إلى دين آخر للإعدام.

 

القوانين والحرية الدينية.. الغلاف

 

الإعدام هو تطبيق لحكم الردة في الإسلام، فدين الدولة هو الإسلام كما يشير الدستور اليمني. يؤكد الدستور أن الدين الإسلامي هو مصدر كل التشريعات على الرغم من أنه يضمن حرية الاعتقاد والتفكير!

 

اقرأ أيضًا: العبور الديني في اليمن… احذر من القتل!

 

فيما يتعلق بالعمل الإعلامي فهناك فارق بين النصوص وبين الممارسات التنفيذية للقانون وبين الضغوط المجتمعية التي تُثار حول أصحاب الرأي سواء بشكل ميداني أو بشكل إعلامي، فالقانون الذي تم وضعه لتنظيم العمل الإعلامي، أحيانًا يتم استخدامه كعقوبة عندما يتعلق الأمر بأي رأي يختلف مع الرأي السائد في البلاد حول القضايا الدينية، بالمقابل يتجاهل الخطابات العنيفة والتحريضية تجاه معتنقي الديانات الأخرى كالبهائية مثلا أو غيرها.

وفيما يبدو فإن القانون يتم تجييره في كل مرة لصالح القوى التي تسيطر على البلاد، فما قبل 1990 وقبل انهيار المعسكر السوفيتي، يختلف تمامًا بعدما حصلت الوحدة الاندماجية بين شطري اليمن حيث تحوّلت الشريعة الإسلامية إلى المصدر الرئيسي للتشريع، بعدما كانت واحدة من مصادر التشريع، وهو تحوّل خطير قادته جماعة الاخوان المسلمين التي كانت تمسك بزمام الأمور حينها.

بعد الانقلاب الحوثي على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتغييب الدستور الجديد الذي كان أحد أهم مخرجات المؤتمر والذي كان يضم لأول مرة بند خاص بالحقوق والحريات وكان يضمن بشكل مباشر حرية العقيدة واعتناق الأفكار الدينية، انقلب الحوثيون على الدولة وتحوّل القانون إلى أداة بأيدهم وقاموا بعمليات تغيير مختلفة، إلا أن قانون الصحافة والمطبوعات بقي على ما هو عليه، وهناك محاولات لإعتماد قوانين جديدة تقوم بتنظيم العمل الإذاعي والإلكتروني وكذا عمل الشركات الإعلامية الخاصة، في محاولة لفرض رقابة مباشرة على العمل الإعلامي والذي سيكون أكثر خطورة على الحرية الدينية والتنوع الديني، لاسيما وأن هناك انتهاكات أمنية متعددة يتعرض لها أتباع الديانات والطوائف الأخرى وصلت بعضها حد النفي خارج البلاد وبرعاية أممية!

ومن خلال هذه المقدمة نكتشف أن القوانين اليمنية لا تضمن تمثيل كل المكونات الدينية، بل تعمل على تسخير نفسها لصالح الطرف الذي يتولى الامساك بزمام الحكم.

 

اقرأ أيضًا: الوعي بالتنوع الديني

بيئة ومضامين القوانين الإعلامية فيما يتعلق بالحرية الدينية

القانون الذي يقوم بتنظيم عمل الإعلام في اليمن يسمى قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1990م صدر في 23 ديسمبر 1990 ولديه لائحة تنفيذية تسمى اللائحة التنفيذية للقانون رقم (25) لسنة 1990م بشان الصحافة والمطبوعات في (مجال الصحافة) صدرت وفق قرار جمهوري (49) لسنة 1992م وتتشابه في مجملها مع نصوص القانون.

 

النقاط السلبية..

يتيح القانون حرية الفكر كحق من حقوق المواطنين بهدف ضمان إتاحة الفرصة للتعبير عن فكرهم بالقول والكتابة أو التصوير أو الرسم أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير، لكن هذا الحق تم تضييقه ضمن إطار الدستور وما تنص عليه أحكام القانون، علمًا أن الدستور اليمني يقول أن الإسلام هو دين الدولة وهو مصدر كل التشريعات.

وفي العادة يقوم بوضع التشريعات شخصيات لا تؤمن بالتعددية والتنوع الديني، لذلك لا تلقي بالًا لأي تنوع ديني أو حرية دينية، وحين تتطرق لمسائل مثل هذه تقوم بوضع الجملة التالية: “في إطار العقيدة الإسلامية” إضافة إلى “وفقاً لأحكام القانون” وبالتالي فإن أي نشاط إعلامي متعلق بالتنوع الديني لا يجد له مساحة قانونية بل قد يتم محاسبته نظرًا لما تضمنه القانون من اشارات مختلفة في مواده التي تؤكد أن أي فعل مخالف للقانون قد يعرّض الصحفي للمساءلة.

وإذا افترضنا وجود صحفي في مؤسسة إعلامية وتم تكليفه بعمل إعلامي يهدف إلى تعزيز الحرية الدينية والتنوع الديني فإن القانون يتيح له الامتناع عن ذلك وفق ما تضمنته المادة (15) فيما عملت اللائحة التنفيذية على وضع الاتجاهات الأساسية للعمل الصحفي في اليمن، وأشارت النقطة الأولى من هذه الاتجاهات أن مبدا حرية التعبير هي الفطرة الإنسانية الطبيعية التي فطر الله الناس عليها و”تاكيدا للتعاليم الاسلامية السامية” واستخدام مصطلح التعاليم الإسلامية يفتح مجالًا لتأويل وتفسير النص وفق اجتهادات يعتمد عليها العاملين على انفاذ القانون، ناهيك أن القانون ألزم العاملين الأجانب باحترام عقيدة وشريعة البلاد بالتالي لا يستطيع أي مراسل أجنبي أن يقوم مثلا بإعداد تقرير عن طقوس احتفال المسيحيين بالكريسماس على أقل تقدير.

 

النقاط الإيجابية وملاحظات عليها..

يؤدي القانون في المجمل إلى معاقبة كل من يقوم بالمساس بالعقيدة الإسلامية ومبادئها السامية كأمر غير قابل للنقاش، فيما أضاف إليها معاقبة كل من يقوم بالتحقير من الديانات السماوية والعقائد الإنسانية. كما يقوم بمعاقبة كل قول يؤدي إلى إثارة النعرات الطائفية وبث روح  الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع أو ما يدعو إلى تكفيرهم.

والملاحظ هنا أن وسائل الإعلام الرسمية تقوم بهذه المهمة سواء في الوقت الراهن أو ما قبل انقلاب جماعة الحوثي على الحكم، حيث تستضيف شيوخ دين يتولون مهاجمة أتباع الطوائف الأخرى، كما تقوم بعملية بث لخطابات زعيم حركة الحوثيين والذي يقوم بعملية تكفير أتباع الدين البهائي وأتباع الطائفة الأحمدية والمكارمة.

ومن النقاط الايجابية التي تضمنها القانون أن الأفعال التي تخضع للعقوبة هي تشويه الحضارة الإسلامية، ولاقت هذه النقطة تحفظات مختلفة حيث قامت بتقييد عملية النقد للموروث الديني واعتبرته فعلًا مخالفًا لقانون الصحافة والإعلام.

أخيرًا وضع القانون اليمني الخاص بالعمل الإعلامي عقوبات على الإعلانات التي تتضمن عبارات أو صورًا تتنافى مع القيم الإسلامية.

التعليقات مغلقة.