نظام الكفالة.. من الحُلم إلى الكابوس

In this photograph taken on April 25, 2016, Afghan labourer Sakhidad 24, works in a chalk factory on the outskirts of Mazar-i-Sharif. / AFP PHOTO / FARSHAD USYAN

لا شك أن الوصول إلى الكويت والعمل فيها، حلم يراود الكثير من الشباب ذي البلدان التي يعصف بها الفقر وتغرقها البطالة.

والشباب الطامح لتغيير وضعه المادي.. هل فعلًا عندما يصل إلى الكويت يتغيّر وضعه المادي؟

وهل يهتم الحاصلين على تأشيرة لدخول البلاد بالاطلاع على قوانين العمل في الكويت؟

الإجابة غالبًا هي لا!

 

في هذا التقرير نسلّط الضوء على القوانين التي تساهم في الاتجار بالبشر

 

تتعامل الكويت مع كل القادمين إليها بنظام الكفالة، ويتسبب هذا النظام بتقييد حرية العمال وربطهم بأصحاب العمل بالتالي إضعاف العمال وتحويل الكثير منهم إلى ما يُطلق عليه “عبودية العمل” كما يعمل الكثير من العمال بشكل اجباري لدى كفلائهم ويتحولون إلى “عمال سخرة”.

يقوم نظام الكفالة بسل كل صلاحيات العامل كإنسان ومنحها للكفيل، حيث يتم تسهيل علاقات العمل المؤذية والاستغلالية والتي تؤدي إلى الاتجار بالبشر، لاسيما في قطاع الخدمات المنزلية أو العاملين في المنازل والذين يُطلق عليهم “خدم” حتى في المعاملات الرسمية. لا يحدث ذلك في قطاع الخدمات المنزلية فحسب بل وغيره من القطاعات.

 

التعرّف على ضحايا الاتجار بالبشر..

هناك عجز في القدرة على التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر بدقة وسرعة، باستثناء الذين يأتون إلى البلاد عبر شراء اقامات أو عمال المنازل الذين يتم بيعهم على شبكة الانترنت.

والواضح أيضًا أن معدل حالات القضاء على الاتجار بالبشر منخفضة جداً مما هو عليه، ما يجعل المتاجرين بالبشر يفلتون من العقاب بطريقة أو بأخرى، مما يزيد من إعاقة وصول الضحايا للعدالة لاسيما في عدم وجود إجراءات تنفيذية موحدّة.

كل ذلك يجعل معالجة ظاهرة الاتجار بالبشر صعبة.

 

ملاحظات حقوقية على القوانين التي تُهيء للاتجار بالبشر..

في العادةً تقوم الدول بتقنين حقوق الإنسان من خلال المصادقة على الاتفاقيات والمواثيق الدولية وإقرار القوانين والقرارات الوزارية وذلك لتنظيم منح هذه الحقوق للأفراد، إلا أننا نلاحظ وجود قوانين وقرارات وزارية في الكويت تقوم بتقييد هذه الحقوق، وأحيانًا تساعد على انتهاكها، بل قد تصل إلى أن هذه القوانين هي من تنتهك حقوق الإنسان. من هذه القوانين:

 

  • القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي:

هذا القانون حظر على العمال المهاجرين الحق في تكوين نقابات ترعى مصالحهم وتدافع عن حقوقهم. نصت المادة (99) من القانون ذاته على أنه يجوز (لجميع العمال الكويتيين الحق في أن يكوّنوا فيما بينهم نقابات ترعى مصالحهم وتعمل على تحسين حالتهم المالية والاجتماعية وتمثلهم في كافة الأمور الخاصة بهم، ولأصحاب الأعمال حق تكوين اتحادات لهم لذات الأهداف)، أما العمال الأجانب فلهم الحق في الانتساب فقط دون الحق في التصويت وضمن شروط أخرى.

 

  • القرار الوزاري رقم 842:

قال القرار إن شروط التحويل من صاحب عمل إلى آخر؛ يجب أن يتضمنه موافقة الكفيل (صاحب العمل) على التحويل ومرور سنة من تاريخ إصدار إذن العمل. أي أن العامل المهاجر لا يستطيع الانتقال بحرية من كفيل إلى آخر مما قد يجعله عرضة للاستغلال، كما أنه أجاز تحويل العمالة المستقدمة بالقطاع الأهلي على عقود ومشاريع حكومية ولكن في حال انتهى العقد الحكومي، وأن يقتصر التحويل على عقد حكومي آخر لنفس صاحب العمل، كما أن المستقدمين على قطاعات الصناعة والزراعة والرعي والصيد لا يستطيعون التحويل إلّا لنفس القطاعات التي تم استقدامهم عليها، وكأن هذا القطاع يُصبح مفروضًا عليهم.

تم تعديل هذا القرار بالقرار الإداري رقم 1024 الذي قيّد العامل بشكل أكبر واستثنى من التحويل أصحاب العمل المدرجين ضمن (القوائم المميزة) وهي الشركات الكبيرة والتي لا يتم تحويل عمالتهم إلّا بعد ثلاث سنوات، مع مراعاة أن يقتصر التحويل لنشاطي الصناعة والزراعة لذات النشاط.

كما تم تعديل هذا القرار بصدور القرار رقم 378 وتعديل المادة رقم 6 حيث منح العامل حق التحويل إلى صاحب عمل آخر ولكن بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ إصدار إذن العمل، ويجب أن يلتزم بعدد من الضوابط منها اخطار صاحب العمل أو تقديم شكوى منازعة تصاريح عمل، والغريب أن العامل لا يحصل على تحويل مباشرة ولكن الأمر يخضع لتقدير من يقوم بعملية التحقيق في الهيئة العامة للقوى العاملة.

 

  • المادة (1) من القرار الإداري رقم (712) لسنة 2017 في شأن ضوابط تحويل العمالة المسجلة لدى أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة:

هذه المادة قيدت العمال المهاجرين الذين تم استقدامهم للعمل في الكويت ضمن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشروط مجحفة، مشرّعة الأبواب أمام أصحاب العمل لممارسة العمل القسري أو الإجباري على هؤلاء العمال من خلال عدم السماح للعامل بالمطالبة بالتحويل (الانتقال لصاحب عمل آخر) إلا بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ اصدار إذن العمل وأن يكون التحويل لدى صاحب مشروع صغير أو متوسط آخر (أي ضمن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة).

 

  • في القطاع المنزلي..

أمّا في قطاع العمل المنزلي فنجد بأن الاسترقاق المنزلي هو النوع الأكثر شيوعا في العمل القسري، حيث أن القانون رقم 68 لسنة 2015 بشأن العمالة المنزلية في دولة الكويت أعطى حقوق لعمال المنازل إلا أنه لا يعطيهم الحق في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، وفي حال نشوب أي خلاف بين العامل وصاحب العمل فإن العامل يحصل على حقوقه كاملة ومن ثم يتم ابعاده إلى بلده ولا يحصل على تحويل كفالة.

 

شركات لبيع اقامات..

هذه الممارسات الحكومية تشجع الشركات على ممارسة العمل القسري والاتجار بالأشخاص في كثير من الحالات، وفي أغسطس / 2018 ذكرت الهيئة العامة للقوى العاملة أنها ربحت أكثر من 500 قضية ضد متاجرين بالتأشيرات حيث هناك تأكيدات أن هذه الشركات تأسست لبيع التأشيرات للعمال الاجانب، وبمجرد أن يتم تسجيل العمال في الشركات المزيفة، يدخلون إلى الكويت ويصبحون عاطلين عن العمل أو يعملون في الأعمال الهامشية أو يتم الاتجار بهم.

التعليقات مغلقة.