هل يجب كراهية غير المسلمين؟

هل يجب كراهية غير المسلمين؟

 

 

الكراهية جريمة لا تنبع من دين وعقيدة، بل من جشع الإنسان وأنانيته،

نحن بحاجة ماسة كي نفهم هذا الشعور؛ حتى لا يتم التلاعب بنا من خلاله.

التوقف عن كراهية غير المسلمين.. النداء الذي نطلقه هنا،

وهو نداء لا يُدين مرتكبي الكراهية، بل يدعو إلى إنقاذهم

فالكراهية سبب رئيسي في تدمير عقل وجسد وروح الإنسان، وتناغم أي مجتمع.

 


 

من قال إن الأديان المختلفة لا يمكن أن تتفق؟
الجوع.. كافر وبوسعنا أن نقاتله معا


 

ماذا تعني كراهية غير المسلمين؟

كراهية غير المسلمين أو بغض الكفار وإعلان البراءة  هي أن يحمل المسلم مشاعر الكراهية والبغض والعداء، ضد كل دين مختلف وضد أتباعه، وهو ما يؤدي إلى إنتشار خطاب الكراهية والتعصب والتمييز، وأعمال العنف. 

الكراهية شعور طبيعي لا أحد يستطيع مصادرته، لكنها تتحول إلى مرض معدٍ وقاتل عندما تنشأ لأسباب غير عقلانية؛ كالدين أو العرق أو النوع.

لا يجب أن يكره المسلم غير المسلمين بسبب اختلاف الدين، فالكراهية لا تصنع القرابة بالأنبياء، ولا تضع أرواحنا على طريق الله، من يُعلّمنا الكراهية لا يحاول أن يجعل منا مؤمنين أفضل، بل يحاول أن يقتل في أعماقنا الإنسان.

المسلم الحقيقي يستطيع التمييز بوضوح بين الدين وبين الإنسان الذي يعتنقه، اعتقاد المسلم أن دين ما، غير صحيح، لا يعني ابدا  أن الإنسان الذي يعتنق هذا الدين هو  عدو حقيقي أو محتمل للإسلام والمسلمين.

 


 

أسباب كراهية غير المسلمين

 الكراهية في الأساس هي ظاهرة إنسانية قبل أن تكون وصفة دينية لصناعة ثقافة قابلة للاشتعال.

 

الأسباب التي تدفع بعض المسلمين للإعتقاد بوجوب كراهية غير المسلمين، يمكن تلخيصها كالتالي:

1. الشعور بالعجز

لدى المسلمين شعور عميق بالظلم، وتاريخ طويل من المعاناة جراء التعرّض للغزو، والإستعمار، والإستغلال الممنهج، ويعيشون واقع مليئ بالإحباط، والإنسان يمارس الكراهية عندما يشعر بالعجز.

 

2. الشعور بالخوف

الكراهية -دائمًا- تولد من رحم الخوف، وليس من رحم الإيمان

عندما يتضخم الإحساس بالتهديد، نتصور أن الكراهية هي أفضل تدخل وقائي لحماية الدين:

  • منع تأثر المسلم بمعتقدات الآخرين
  • الحيلولة دون تغيير المسلم لدينه
  • وقف المدّ التوسعي للأديان الأخرى، في إتجاه الإسلام.

 

3. التفسير الإقصائي لمفهوم الولاء والبراء

تفسير مفهوم الولاء والبراء كمفهوم يحدد طبيعة علاقة المسلم بالعالم من حوله، من خلال تقسيم البشر إلى:

  • مسلمين: الأخيار الذين تمنحهم عقيدتهم الأفضلية على كل البشر، حتى لو كانوا سيئين!
  • غير مسلمين: الأشرار دائمًا أيا كان سلوكهم وأخلاقهم، والذين يجب أن يُدانوا إلى الأبد، أو إلى أن يدخلوا الإسلام!.

هذا التفسير الإقصائي لمفهوم الولاء والبراء يؤدي نشر الكراهية في أوساط بعض المسلمين تجاه غير المسلمين، ويجد فيه التّطرّف وسيلة لتبرير سياسات التمييز تجاه الأديان الأخرى.

 

4.نظرية مؤامرة الحرب ضد الإسلام

يؤمن الكثيرون بنظرية مؤامرة الحرب ضد الإسلام، ويعتقدون أن الذين يشنون هذه الحرب ضد الإسلام هم من غير المسلمين.

 


 

وقفة تأمل

لماذا لا يستطيع يهودي عربي التجول بحرية في شوارع بلده؟!

ولا يستطيع مسيحي عربي أن يتناول وجبة غدائه بشكل اعتيادي في رمضان؟!

ولماذا لا نكتشف وجود أتباع للدين البهائي في وطننا، سوى من نشرات الأخبار؟!

هل هذه مظاهر مناخ عدائي للتنوع، أم مظاهر احترام لمشاعر الأغلبية؟؟!!!

احترام مشاعر الأغلبية” هي -في كثير من الأحيان- إجابة غير مفهومة

سوى من جانب التستر على “تحيز”

وكـ اتيكيت شعبي لتقديم ألم غياب المواطنة المتساوية، بشكل مثير للسعادة!

 

 


 

مظاهر كراهية غير المسلمين

رهاب الدين المختلف يتجلى على شبكة الإنترنت بشكل واضح، ومثير للقلق

وهو ما سنتناوله بشكل خاص، باعتبارة مجال تدّخل مبادرة إثراء بشكل رئيسي، وللفت نظر القارئ/ه لمظاهر هي في نطاق قدرته على إحداث التغيير

 

1. التضليل القائم على الكراهية الدينية

 

نشر المعلومات الكاذبة والمضللة على شبكات النواصل لتعميق مشاعر الكراهية، والإنقسام الإنساني بين المسلمين وأتباع الديانات المختلفة.

نماذج على التضليل القائم على الكراهية الدينية:

  • وصم مشروع بيت العائلة الإبراهيمية بالدين الجديد، وانتشار المعلومات الكاذبة حول اعتماد الإمارات دين جديد، واعتبار الدعوة الى تقريب الأديان والإخوة الإنسانية؛ مظهر من مظاهر الإنحراف عن مبدأ الولاء والبراء!
  • استهداف أتباع الديانة الإيزيدية بحملات كراهية، من خلال التلاعب بالمعلومات حول حرق مساجد المسلمين في سنجار العراق.

 

2. التمثيل غير العادل لغير المسلمين على قنوات السفر العربية

التدوين المرئي والسفر عبر الوجوه والثقافات والأديان، شغف جميل

يمنح صنّاع المحتوى فرصة العبور إلى عقول وقلوب الملايين

ويمنح الملايين فرصة لرؤية التفاصيل الملونة للإنسان

يستطيع صنّاع المحتوى على اليوتيوب- في المنطقة العربية- مساعدة الشباب العربي على التفكير خارج نطاق الكراهية

على اكتساب القدرة على الافلات من التحيز

وتدريبهم أيضًا على بناء الجسور، ورؤية فرص التكامل لا فرص الصراع

في قنوات السفر العربية..

يجب أن تُقدّم كل أديان الأرض في سياق الحق الطبيعي للآخرين في الإختلاف

الحق  في أن يكونوا ما هم عليه

لا  أن تٌقدّم في سياق الإنحراف عن صراطنا المستقيم

يجب أن تسعى -هذه القنوات- في نقلها للمعتقدات والشعائر والطقوس المختلفة

الى إثارة الشغف للمعرفة، بدلا عن إثارة الرغبة في الإزدراء.

هذا الفيديو نموذج لكيف تساهم الكثير من قنوات السفر العربية في انتشار التعصب وتفكيك ترابطنا الإنساني من خلال تعميق مشاعر الخوف والتحيز والكراهية ضد الآخر!

 


هل يجب كراهية غير المسلمين


 

مواجهة كراهية غير المسلمين

في 2017 قرر الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية، بناء مسجد في مدينة كولونيا، في المانيا، ضخامة المشروع، أثارت الكثير من الانتقادات لا سيما من الجماعات اليمينية المتطرفة 

دعت هذه الجماعات لمظاهرات واسعة لإيقاف بناء المسجد، وانتشرت الشعارات القائمة على المغالطات العاطفية:

“كولونيا مدينة مسيحية” 

“بناء المسجد هو إعلان حرب”

في 29 سبتمبر 2018 تم افتتاح المسجد، بعد فشل حملات الكراهية التي قادها اليمين المتطرف ضد المسلمين.

لكن كيف حدث ذلك؟

  • الآلاف من سكان مدينة كولونيا أقاموا مظاهرات مساندة لحق المسلمين في بناء المسجد
  • سائقوا سيارات الأجرة، مالكوا الفنادق، الحانات، رفضوا أن يقدموا خدماتهم للمتطرفين القادمين من أنحاء المانيا للتظاهر ضد المسجد.
  • الشرطة الألمانية منعت التظاهر ضد المسجد في نهاية المطاف

نستطيع أن نرى بوضوح أن التسامح الديني لدى أفراد المجتمع هو من حمى حرية العقيدة للمسلمين أكثر من سياسات الدولة.

 


 

نشر ثقافة التسامح الديني

  1. مفهوم التسامح الديني

التسامح الديني كما ورد في ويكيبيديا

“ليس أكثر من قبول أتباع الديانة السائدة بالديانات الأخرى والإذن بممارسة هذه الديانات، على الرغم من استنكارها واعتبارها ديانات خاطئة أو مؤذية أو ذات مرتبة أدنى”.

ما نفهمه من التعريف:

المعنى الاصطلاحي للتسامح، الذي نفهمه عادة بـ: التجاوز عن أخطاء الآخر، والعفو ومقابلة الإساءة بالإحسان. كل هذه المعاني لا علاقة لها بالمعنى الذي يشير إليه التسامح الديني هنا

هذه المعاني تُقدّم “التسامح” كشيء مؤلم، عبء ما، علينا أن نتحمله، تنازُل، صفح وغفران، وهذا غير صحيح تمامًا، ويتسبب في ضبابية وعينا بالتسامح الديني كثقافة وكقيمة أخلاقية.

التسامح الديني هو واجب أخلاقي على كل أغلبية، حيثما كانت

 

التسامح الديني هو واجب أخلاقي على كل أغلبية، حيثما كانت

 

التسامح الديني مفهوم يتعلق ب”القوة/ المقدرة” ولذلك يرتبط دائمًا بأتباع الديانة السائدة “أي دين الأغلبية”

عندما لا يكون لديك القوة والسلطة لمنع أو تقييد حرية دين مختلف، لكنك تقف بوضوح إلى جانب حق هذا الدين في الوجود وممارسة شعائره بحرية، هذا تسامح.

لكن عندما يكون لديك القوة والسلطة لمنع أو تقييد حرية دين مختلف، ولا تفعل، حينها ترتفع درجة أخلاقية هذا التسامح، ويتحول من فكرة جميلة وايجابية إلى ثقافة وفضيلة للمجتمع.

يشير التعريف للمستوى الأول من التسامح (الاعتراف مع الاستنكار واعتبار الديانات المختلفة خاطئة أو مؤذية أو ذات مرتبة أدنى)

لكن لكي يقود التسامح إلى التعايش السلمي يجب أن ينتقل إلى مستوى أعلى، أن ينطوي على الاحترام، وأن يخلق جو ودي ومفتوح للنقاش والحوار، لا أن يتوقف عند حدود الاعتراف فقط.

لنفترض أنني أؤمن أن الأرض مسطحة وليست كروية!!

اعترافك بحقي في التمسك برأيي المختلف، وعدم استخدامك لسلطتك في تقييد حريتي في التعبير عن رأيي، هذا تسامح، لكنه غير كافٍ لخلق أرضية آمنة للتعايش إذا لم يترافق مع احترام هذا الاختلاف من خلال رفض وصم رأيي بالشاذ والمتخلّف وغير الطبيعي.

 

  1. متطلبات التسامح الديني

  • الفهم: التعلّم، إدراك إنه ما يربط الأديان المختلفة ليس صراع، بل تنافس.
  • الاعتراف: الاعتراف بقيمة ومعنى المعتقد المختلف والشعور الايجابي الذي يربطنا به، وهو يتضمن الإدراك والتأثير، بمعنى لا يمكن أن ندّعي أننا نعترف بإسهام الهندوسية في ترسيخ مبادئ التسامح في العالم، ثم نصفها بديانة “خرافات”، يجب أن يترافق الاعتراف بالقيمة، مع موقف ومشاعر ايجابية تجاه المعتقد.
  • الاحترام: هو إظهار التقدير للدين المختلف، لما يحمله من قيم جيدة، وجوانب خير وحق (مزيج من الحق والباطل).
  • قبول الآخر: أن يربطنا القبول وليس الخوف أو العداء بالآخر، التسامح لا يعني انكار أو تجاهل أو التقليل من قيمة الاختلافات، بل قبولها ومن هنا ترتفع قيمة التسامح الأخلاقية من كونه قبول وتقبل ما نختلف فيه.

 

 


 

 

ثقافة التسامح في مجتمع ما
هي محصلة ثقافة التسامح لدى أفراده

 

ثقافة التسامح في مجتمع ما، هي محصلة ثقافة التسامح لدى أفراده

لذا علينا البدء -بشكل جدي- في رؤية الفوضى التي يصنعها التعصب والكراهية في مجتمعاتنا، و تحويل التسامح من “أفكار ” إلى “طرق” جديدة في التفكير الآمن والإحساس والسلوك الإيجابي تجاه:

  1. الأشخاص المختلفين دينيًا في أماكن التعليم والعمل
  2. الأقليات الدينية الموجودة في أوطاننا
  3. التنوع الديني والثقافي في العالم

 


 

شارك معنا في التصدي للكراهية

في التوقيع على المطالبة الموجهة لأبرز خمس قنوات سفر عربية، لتبني رسالة Mission statement واضحة وصريحة تلتزم بالتمثيل الإنساني والمنصف للثقافات والأديان المختلفة، وعدم الوصم والتمييز، على موقع آفاز

رابط التوقيع على العريضة

طالبوا قنوات السفر العربية بالتمثيل الانساني والعادل للأديان المختلفة

 


 

    الخطوة التالية

استمع لهذا البودكاست الذي أعددناه حول الديانة الزرادشتية، أول ديانة توحيدية بالتاريخ، حيث استضفنا السيدة أوات حسام الدين طيب، ممثلة الديانة الزرادتشية في العراق لنتعرّف أكثر عن الديانة الزرادشتية

 

المصادر

Addressing Cultural, Ethnic & Religious DiversityChallenges in Europe
Addressing challenges to tolerance and religious diversity in Iraq

Us vs. Them: The process of othering

Hatred

التعليقات مغلقة.