في 17 فبراير 2022، دشن مركز الحوار العالمي كايسيد برنامج “الصحافة للحوار”. يستهدف البرنامج صحفيين من بلدان وأديان وأفكار متعددة. يعمل على تأهيلهم ومساعدتهم على أن يتعاطون باحتراف مع القضايا الحساسة المتعلقة بالدين والعرق.
يلتقي المشاركين في البرنامج ثلاث مرات في أوقات مختلفة. يخضعون خلالها لتدريب وورش عمل ونقاشات حول الأدوار الإعلامية المطلوبة للحد من خطابات الكراهية. إضافة إلى حماية حقوق أتباع الديانات وحريتهم في المعتقد.
يكتسب الصحفيون من البرنامج خبرات مختلفة. لهذا رأى مركز الحوار العالمي كايسيد أن يقوم بتوجيه هذه الخبرات عبر تأسيس مبادرات إعلامية مستقلة.
تعالج المبادرات القضايا الدينية والعرقية والنزاعات في البلدان، وتساهم في بناء السلام.
خصص كايسيد مبالغ صغيرة لمساعدة المبادرات على تنفيذ أولى مشاريعها، والتخطيط لديمومة عمل المبادرة.
الزمالة الأولى من البرنامج
احتضنت تونس تدشين النسخة الأولى من زمالة الصحافة للحوار.
بدأ تدشين الزمالة بجلسة حوار عن: “دور الإعلام في بناء السلام وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات”.
وكان الاختتام في ديسمبر 2022 في العاصمة الأردنية عمّان والتي شهدت حفل تخرج الدفعة الأولى.
قدم الصحفيين 15 مبادرة إعلامية، 8 فردية و7 مشتركة.
اقرأ أيضًا اسئل جوجل.. واحذر من خطاب الكراهية
مبادرة اثراء وقصة النجاح
كان عبدالرزاق العزعزي، وهو صحفي يمني، أحد المشاركين في هذا البرنامج ممثلا لمنظمة ل “المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني“.
تعمل المنظمة التي أسسها ويديرها منذ 2020؛ في مجال توظيف النشاط الرقمي في تعزيز ونشر ثقافة السلام، ومواجهة العنف بأشكاله المرتبطة بحياة الإنسان اليومية مثل التحيز على أساس الجنس، أو التمييز الديني وغيرهما.
في مجموعة الزمالة على الواتساب، شارك العزعزي ملف عن المبادرة التي ينوي العمل عليها ضمن إطار منظمته. المبادرة هي “إثراء محتوى التعايش بين أتباع الأديان“.
تضمن الملف فكرة المبادرة وطريقة عملها، وأهدافها المتضمنة نظريات التغيير. دعا زملاءه الآخرين إلى تنفيذ المبادرة بشكل مشترك. نالت الفكرة استحسان زيد الأصيل، وهو صحفي من العراق، واتفقا على تنفيذ المبادرة سويًا.
تصف إدارة البرنامج المبادرة بأنها ترجمة فعلية لدور الصحفيين في معالجة خطاب الكراهية التي تستهدف أتباع الأديان. قالت مايا سكر مديرة برنامج الصحافة للحوار: “إثراء هي مبادرة مميزة وفريدة من نوعها، تميزت بمحتواها وأهدافها العملية، وتعتبر ترجمة فعلية لدور الصحفيين في مواجهة خطاب الكراهية، والذي لا ينشر التمييز والعنف بإسم الدين. حيث أن العاملين على المبادرة واجهوا في الفضاء الالكتروني خطاب متطرف بخطاب متسامح ومنفتح، ويدعو إلى الحوار وقبول الآخر”.
اقرأ أيضًا: حول مبادرة اثراء
آلية عمل مبادرة اثراء
يرى عبدالرزاق العزعزي بأن فكرة المبادرة مبتكرة من حيث الاعتماد على موقع “جوجل” لمعالجة القضايا، والاعتماد على “جوجل ترند” لتحديد نوع القضايا التي تحتاج إلى تدخل ومعالجة في سياق إعلامي.
يقول في حديث خاص لموقع ريفلكشن عربي “فريق المنظمة الإلكترونية للإعلام الإنساني رأى أن يتم تنفيذ مبادرة تقنية. تبحث أولًا في جوجل ترند عن الأسئلة الدينية التي ترد على جوجل بشكل مستمر، ثم يقوم بكتابة الأسئلة على جوجل ليقوم بالاطلاع عن المقالات التي تقدم أجوبة للباحثين، فإذا كانت المقالات التي تتصدر نتيجة البحث مقبولًة ولا تحوي خطابات كراهية، فإنه يتم تجاهل السؤال، وإن كانت المقالات تنظر للآخرين الديني بشكل تمييزي، أو تحوي خطابات كراهية دينية، فإننا نقوم بكتابة مقالات تجيب على السؤال، ويرافق المقال رسوم تقنية، وملفات صوتية بودكاست لتنويع شكل الرسالة”.
اعتمادًا على حديث العزعزي فإن الفريق العامل على المبادرة يتكون من زميلي البرنامج عبدالرزاق العزعزي وزيد الأصيل إضافة إلى اثنين من فريق المنظمة، أحدهم خبير تقني.
يتولى التقني المهمة الأساسية في النشر، إذ يقوم بتحرير المقالة وإعدادها وفق محددات ومعايير جوجل للنشر.
يؤكد الخبير التقني إن “الالتزام بهذه المعايير تساهم في ظهور المقالات في الصفحة الصدرية لجوجل، ما يعني إزاحة ظهور المحتوى الذي يُقدم خطابات كراهية، وهذا يساعد الباحثين على جوجل بالتخلص من الأفكار السلبية حول التعايش الديني، ويقوم بترسيخ ثقافة التعايش وبناء السلام.
مبادرة اثراء محتوى التعايش بين الأديان
نجاح المبادرة
في 21 مايو 2023 تم تدشين المبادرة، بالتزامن مع اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، واختيار هذا اليوم للتدشين كما يقول فريق المبادرة ليس لإبراز مدى التنوع الثقافي فقط، بل للبحث عن أرضية لبناء السلام بين الأفكار المختلفة والتي غالبًا ما تبدأ بالحوار.
وعقب 6 أشهر من تنفيذ المبادرة، استطاعت المقالات الخاصة بها أن تحجز لها مكانًا في الصفحات الصدرية على جوجل، أي بمعنى أنها تظهر في مقدمة نتائج البحث، ويقوم جوجل باقتباس نصوص مميزة من المقالات وعرضها في أعلى نتائج البحث لتقديم إجابة حول محور السؤال المبحوث عنه.
كما أصبحت مقالات المبادرة تظهر في الأسئلة المرافقة لعمليات البحث في جوجل والتي تظهر على شكل “أسئلة طرحها الآخرون”.
وكتحديث أخير، يشير العزعزي إلى أن عدد متصفحي الموقع الخاص بالمنظمة ارتفع بنسبة 400% وفقًا لمقارنة بين إحصائية لزوار الموقع في نوفمبر ويونيو 2023، وهذا ما نستطيع مشاهدته من خلال جوجل كونسل الذي نراقب من خلاله مستوى ظهور انتاجات مبادرة إثراء ضمن نتائج البحث في جوجل، ومن خلاله نقوم بتحسين المحتوى بصفة دورية، حتى بعد انتهاء فترة المبادرة المقررة.
الأصيل: هذا النجاح يدفعنا للمزيد
كان زيد الأصيل قبل انضمامه لمبادرة إثراء يقوم بتصميم برنامج تدريبي للصحفيين العراقيين. بعد اطلاعه على ملف مبادرة اثراء، انجذب إليها. قال: كنت أفكر بتنظيم تدريب للصحفيين، لكن إثراء جذبتني كفكرة، وكأسلوب تقديم، وها نحن نحصد اليوم ثمار الفكرة”.
يشير إلى أن النجاح الذي تحققه المبادرة هو دافع للاستمرار، ومحفّز على المضي قدمًا نحو تقديم محتوى وسطي قادر على صناعة أثر معتدل يساهم في الحد من لغة العنف والصراع.
تولى الأصيل الجانب الصوتي في المبادرة، قام بإعداد 10 حلقات صوتية من برنامج أسماه “تلاقي” وهو برنامج قد سبق وأن أعد له حلقات صوتية ناقشت التنوع وبناء السلام.
يشبر الأصيل إنه كان حريصًا على تقديم جواب وسطي للأسئلة التي قررت المبادرة أن تنتج حولها المحتوى، يقول: “دفعني ذلك الحرص إلى اختيار نخبة من المهتمين بالأديان والتعايش السلمي، كانت خلفيات ومهام الضيوف متنوعة، فهم من الفاعلين والمؤثرين في مجتمعاتهم المتنوعة دينيًا وقوميًا وعرقيًا، فضلا عن دورهم في تعزيز لغة الحوار والسلام ونبذ كل أشكال الكراهية والعداء”.
التعليقات مغلقة.