حروب التوتسي والهوتو وحكاية آثار الكراهية

هذه المقالة تتناول حروب أبناء قبيلتي التوتسي والهوتو في رواندا، وكيف قتلت جوهرة أفريقيا وبلد الألف تل أكثر من 800 ألف إنسان في أقل من 100 يوم

رواندا وأبناء قبيلتي التوتسي والهوتو

كان يا ما كان، بلدة اسمها راوندا، دولة صغيرة تقع روادنا في وسط أفريقيا ويتألف سكانها من قبيلتين:

الهوتو وهي أغلبية وتشكل نسبة 84% من نسبة السكان.

التوتسي وهي الأقلية وتشكل 15% من نسبة السكان.

تسمى رواندا بتسميات جميلة مثل جوهرة أفريقيا، وبلد الالف تل.. لكن هذا الجمال لم ينعكس على قلوب أبناء القبيلتين الذين خاضوا حروبًا ضد بعضهم، راح ضحيتها أكثر من 800 ألف إنسان في أقل من 100 يوم.

وعندما نغوص في تفاصيل الحكاية، نجد أن الخلاف بين التوتسي والهوتو بدأ منذ مئات السنين، عندما قام أبناء التوتسي بالسيطرة على المملكة وسن تشريعات مناهضة لأبناء قبيلة الهوتو.

 

الهوتو والتوتسي

 


حكاية حروب التوتسي والهوتو

وقعت مملكة رواندا تحت الاحتلال الألماني عام 1984. حينها أرسى الألمان سياسة مؤيدة للتويستي، وحين فقدت ألمانيا سيطرتها على المملكة خلال الحرب العالمية الأولى وضعتها تحت الإدارة البلجيكية التي أصدرت بطاقات هوية مكتوب فيها الانتماء الاثني للمواطنين للتمييز بينهم وشكلّت مجلسا أعلى للحكم سلّمته لأبناء التوتسي.

في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وفي أثناء موجة إنهاء الوصاية البلجيكية، زادت حالات التوتر في المملكة، وتصاعدت خطابات الكراهية بين أبناء القبيلتين، وبدأت حالات العنف تصبح أكثر، وأكبر شراسة ودموية.

عام 1959، اشتعلت أحداث عنف، وأشعلت معها ثورة للهوتو، قتلوا فيها المئات من التوتسي، وشرد الآلاف، وأجبروا على الفرار إلى البلدان المجاورة. انتهت الثورة بعد عامين باستيلاء الهوتو على الحكم، وقاموا بعمل استفتاء شعبي لإلغاء نظام الحكم الملكي.

استمرت الصراعات وحركات العنف بين أبناء القبيلتين، ساهم في اشعالها أولئك الذين خرجوا من منازلهم وبلدهم هاربين من الموت.

في عام 1962 أصبحت رواندا جمهورية مستقلة يهيمن عليها الهوتو وشكّلوا حكومة من الهوتو فقط، وبقي الصراع بينهما مستمرًا. زادت وتيرته بسبب سياسة التمييز والطبقية والتفضيل بين أبناء القبيلتين والتي أرسى قواعدها الاحتلال، وأنتجت شلالات من الدم.

نحو نصف مليون توتسي تحولوا إلى لاجئين، عددًا منهم التقوا في كمبالا عاصمة أوغندا، وأسسوا الجبهة الوطنية الرواندية مهمتها تأمين عودة المنفيين إلى وطنهم، وإعادة تشكيل الحكومة، ثم قامت بعد عامين بشن هجوم كبير على الهوتو من أوغندا.

لجأ الهوتو إلى بث خطابات كراهية ضد جميع أبناء التوتسي داخل البلد ووصفتهم بالخونة، ما أدى إلى تفاقم المشاكل العرقية.

في 6 إبريل عام 1996؛ هجوم صاروخي استهدف رئيس رواندا وأدى إلى سقوط الطائرة واغتياله برفقه رئيس أفريقي آخر؛ أدى إلى اشعال حربًا امتدت لعدة أسابيع من المذابح الكثيفة والمنهجية، نحو 1 مليون شخص فقدوا أرواحهم، ونحو ربع مليون امرأة تعرضت للاغتصاب بسبب انتماءها للقبيلة الأخرى.

 

آثار الكراهية

 


خطابات كراهية إذاعية

كان السياسيون حينها يطلبون من الناس عبر الإذاعات، أن يتقاتلوا، ننقل لكم إحدى هذه الرسائل التي تم بثها:

“أعزائي المستمعين، عندما يسألني الناس لماذا أكره التوتسي، أقول: اقرؤوا التاريخ التوتسي كانوا عملاء للمحتلين البلجیكیین، لقد سرقوا أرض الھوتو خاصتنا، لقد طحنونا. والآن عادوا من جديد؛ أولئك التوتسي المتمردون. إنهم صراصير. إنهم قتلة. رواندا هي وطن الھوتو. نحن الأغلبية. هم الأقلية الخائنة والغازیة. سنسحق الغزاة. سنمحو ثوار الجبهة الوطنية من على وجه الأرض. هذه آر. تي. إل. إم. إذاعة قوات الھوتو. ابقوا متيقظون. احذروا جيرانكم.

 

تم صناعة الكراهية على مستوى شعبي ورسمي وسياسي وكل شيء

 

أثرت تلك الخطابات على الجميع، كان من نتائجها أن الزوج قتل زوجته، والصديق اغتال صديقه، والجار ذبح جاره، وصار القتل بالهوية. تقاتلوا بالسكاكين والمناجل وكل شيء يمكن أن يقتل.

 

مذياع

 


الدروس المستفادة

 

بعد تلك الأزمنة الدموية أدرك الجميع أن الكراهية مخيفة وخطرة، لتبدأ بعدها محاكمة الهوتو المتهمين بالتسبب في عمليات الإبادة الجماعية.. رافقها عمليات تغيير مختلفة، منها العمل بالنظام القضائي الجديد، وإجراء أول انتخابات رئاسية وبرلمانية، وإجراء تعديلات في التقسيم الإداري للمحافظات، والآن عادت رواندا تشبه بلد الألف تل وجوهرة أفريقيا.

 

علّمتنا الحرب إن الكراهية تصنع الدماء في كل فترة زمنية، وأن الحروب مخيفة وشرسة ومرعبة، وآثارها مدمرة ودموية.

تعلمنا من الحرب إن الحروب تصنع اللجوء والنزوح والفقر والموت والعداء الذي لا ينقطع، وأن الكراهية لا تموت، تظل أثارها عنيفة ودموية بين كل حين وآخر، في حال لم يتم تطبيق العدالة الاجتماعية.

تعلمنا إن الكراهية تصنع الحروب الاثنية والدينية، وتخلق العصابات والقتلة، وتعزز الاضطرابات وعمليات القتل وعدم الاستقرار، وتقضي على فرص السلام والتسامح، وتعزز نفوذ المجرمين، وتزيد الفساد والتمرد والجنون.

 

التوتسي والهوتو


المصادر

(1) انقر هنا

(2) انقر هنا

(3) انقر هنا

(4) انقر هنا

(5) انقر هنا

(6) انقر هنا

(7) انقر هنا


تم كتابة هذه القصة ضمن مشروع حكايات شهرزاد الذي يعمل على تأريخ الصراع وروايته من زاوية دينية. 

يمكنكم قراءة كتاب حكايات شهرزاد من هنا كتاب حكايات شهرزاد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.