يعيش العالم اليوم طقوس ”الكورونافوبيا“ في عصر تغير الاقتصادات العالمية، التي أثبتت هشاشتها جنبا إلى جنب مع التحالفات الدولية الهلامية، التي ما لبثت أن تغيرت مع (أول موجة غزو لكورونا) وأعادت ترسيم طوبوغرافيا كوكب الأرض. فلم يعد هناك فرق بتوقيت غرينتش، فكل البشر حاليا تجمعهم الحدود الستة لكلمة ”كورونا“، وهم يتشابهون بمتلازمة الحجر الصحي الإلزامي بالتوقيت العالمي الموحد للتباعد الاجتماعي.
كورونا ليس الوباء الأول بالكوكب، بل هو العاشر على قائمة الأوبئة التي غيرت وجه العالم، وزلزلت البشرية وغيرت من سلوكهم وإدراكهم ووعيهم، وزادت من منسوب امتنانهم إجمالا، بداية من طاعون“جستنيان“ ٥٤١م، وليس انتهاء بوباء كورونا الذي خلق نمطا سيكولوجيا معيشيا، وفكرا اقتصاديا جديدا ليس في الأردن فحسب بل في كل أنحاء المعمورة.
في ظل انتشار هذا الوباء ووصول عدد المصابين بالعالم اليوم إلى مليون ومائتين ألف إصابة، من الطبيعي أن يتساوى غير المصاب نفسيا مع المصاب ماديا، فالجميع انتقلت له عدوى الهلع والخوف الجماعي، بسبب التطورات المتسارعة للحالة الصحية للمصابين حول العالم، الذين يعانون من ضيق تنفس وسعال وغثيان وغيرها، في رحلتهم الوبائية بمشهد عنوانه ”موت وحياة ومجهول“ لعدم توافر معلومات علمية دقيقة عن الوباء، بعيدا عن خرافات الطب الشعبي من طراز مغلي البقدونس وبول البقر!
لا شك أن (التأثير الفيروسي) أحدث ردة فعل غير مسبوقة ومتفاوتة بين الحكومات في العالم، تراوحت بين سلبية وايجابية، وهنا لا بد أن يستوقفنا النموذج الأردني الناجح في إدارة الأزمة، لغاية الآن، وسأتحدث بمجال عملي واختصاصي بحقل الإعلام.
أرى من متابعتي الناقدة أن إدارة الملف الإعلامي للأزمة في الأردن بقيادة الشخصية الفذة الهادئة الوزير أمجد العضايلة، وبتوجهيات ملكية وإشراف مباشر لرئيس الحكومة، أثبتت نجاحها ونجاعتها في التعامل مع وباءين؛ وباء كورونا المستجد، ووباء أزمة الثقة غير المستجد، التي استعادها العضايلة باحترافية عالية، ما ساعد في تمتين المشهد الإعلامي وقيادته بحكمه.
لا أحد يعرف إلى متى ستستمر هذه الجائحة، ربما لأسابيع أو شهور أو أكثر. ومن غير الممكن عودة الحياة إلى طبيعتها دون اكتشاف لقاح -يحتاج إلى ١٨ شهرا على أقل تقدير حسب الخبراء- يخلص البشرية من هذه الوباء.
في ظل تضاعف أعداد الإصابات في الأردن خمس مرات، حسب الأرقام الرسمية، يصبح العدد الإجمالي العدد 323 إصابة حتى اليوم 5 نيسان ابريل. هذا الوضع يدفعنا لدق ناقوس الخطر والحذر من القادم إن لم نلتزم جميعا، لنستطيع التخفيف من شدة الانتشار الفاشي للوباء، وكسر المنحنى التصاعدي لمعركة كورونا، عبر التقيد بإجراءات الوقاية كافة، على رأسها مسألة التباعد الاجتماعي التي تعدّ الاستراتيجية الوحيدة على المدى المنظور.
اليوم، الأردن يحتاج إلى وقفتنا جميعا لنخرج معا من ظلمات المجهول إلى (نورانية اللا مجهول)، وهذا مرهون بإجراءات حكومية ناجعة تساعد في رفع الوعي بأهمية التباعد الاجتماعي، يرافقها أيضا خطوات موازية واستباقية لتعزيز آليات الأمن الصحي، حتى يحدث بعد ذلك أمرا.
التعليقات مغلقة.