جون غانم وقصة العبور من الإسلام إلى المسيحية

تقرير: Andy Hezam

جون غانم
قصة عبور اليمني جون غانم من الإسلام إلى المسيحية، تستعرض التحولات الفكرية التي عاشها، والصعوبات التي رافقته بعد اختياره دين جديد.

من هو جون غانم

جون غانم هو شاب من اليمن، وُلِد ونشأ في مدينة إب وكان مسلم شيعي متدين وملتزم بشدة بدينه وعلى اتصال وثيق بعقيدته الإسلامية. مع ذلك في أواخر العشرينات من عمره، شرع في السعي الروحي الذي قاده إلى طريق لم يتوقعه أبدًا.

في عام 2014، أثناء التحاقه بالجامعة في اليمن، دفعه فضوله إلى فهم الإسلام بشكل أكثر عمق. هذا الفضول قاده في النهاية إلى التشكيك في الطقوس والمعتقدات التي اتبعها طوال حياته.


جون غانم والحج إلى مكة

في نفس العام، قررت عائلة جون أداء فريضة العمرة في مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية. كان متحمسًا لهذه الفرصة لتقوية علاقته الروحية، ومعرفة الله أكثر، مع ذلك، أثناء الطواف حول الكعبة، لفت انتباهه برج الساعة القريب من الكعبة، وهو مبنى حديث ومذهل.

أخبروه عائلته أن برج الساعة يُعتبر “قرن الشيطان” وألا ينظر إليه بل ينظر إلى الكعبة والحجر الأسود.

أثارت هذه المعلومات المتناقضة الشكوك وخيبة الأمل في قلب جون فأصابته بأزمة في إيمانه.

جون غانم
جون غانم

الشكوك وخيبة الأمل

عاد جون غانم إلى اليمن ممتلئ بالشكوك والقلق، يغمره إحساس عميق بخيبة الأمل من عقيدته.

تساءل عن وجود الله، وما إذا كان على الطريق الصحيح، والعواقب المحتملة التي قد يواجهها في الآخرة.

دفعته هذه الشكوك إلى مجابهة الدين الإسلامي، واعتناق حالة من عدم اليقين الديني.

تصارع مع إدراك أن الطقوس الدينية التي كان يؤديها بأمانة طوال حياته ربما كانت غير صحيحة أو مضللة.

ظل عدم اليقين المحيط بالدين الإسلامي وخوفه من أن يسير على الطريق الخطأ يطارده.

فقد إيمانه تدريجياً ووجد نفسه بلا دين، وأصبح ملحدًا في قلبه، لكنه يتظاهر بأنه ما يزال مسلمًا حتى يتجنب قمع واضطهاد أسرته ومجتمعه.


قصة عبور جون غانم إلى المسيحية

يقول جون غانم إنه واجه أمرين مهمين لفتا انتباهه إلى المسيحية في اليمن، الأول عندما زار متجرًا للملابس وعثر بداخله على قميص مزين بصليب رمز المسيحية، اشترى القميص في وقت واجه تحدٍ من أصدقائه أن يرتديه ويخرج أمام الناس، إلا أنه ارتداه وخرج وسط الناس، وزاد بأن التقط صورة له ونشرها على فيس بوك، مذيلة بعبارة: “هل أنتم مع التسامح وتقبل معتقدات الاخرين”. لكنه فوجئ بكثير من التعليقات التي استهدفت الدين المسيحي.

الأمر الآخر عندما زار مكتبة يبيع الكتب المستعملة، وعثر على الكتاب المقدس مختبئ بين الكتب، حينها عرف إنه هناك حظرًا بيع وشراء الأناجيل في اليمن، وكانت فرصة أن يشتريه وأن يقرأ عن هذا الدين ويتعمق فيه، مفتونًا ومتشوقًا لاستكشاف وجهات نظر روحية بديلة وأبقاه سراً عن أسرته وأصدقائه.

جون غانم
تصميم من صفحة جون غانم على فيس بوك

الهروب من اضطرابات اليمن

في 2017، مع غرق اليمن في الحرب والاضطهاد الديني، اتخذ جون القرار الصعب بمغادرة وطنه بحثًا عن الأمان والاستقرار. اجتاز العديد من البلدان، وتحمل المصاعب على طول الطريق. خلال هذه الفترة المضطربة، قابل مسيحيًا سوريًا في اليونان، وهو ما يمثل بداية فصل غيّرت حياة جون غانم للأبد.


يرمز الصليب إلى يسوع المسيح الذي ضحى بنفسه من أجل البشرية وكان مخلّص العالم


اللقاء مع يسوع المسيح في اليونان

في اليونان، التقي جون مع مسيحي سوري يحمل في يده رمز صليب. استفسر جون عن أهمية الصليب. عرف حينها أنه يرمز إلى يسوع المسيح الذي ضحى بنفسه من أجل البشرية وكان مخلص العالم.

كان هذا الإعلان هو المرة الأولى التي سمع فيها جون عن يسوع بمثل هذا السياق. بعيدًا عن الرواية الإسلامية. في الإسلام يُقدَّر يسوع بصفته النبي عيسي ابن مريم، لكن لم يُعترفون به باعتباره الرب يسوع المسيح.


استكشاف المسيحية

أعرب جون عن اهتمامه بفهم يسوع المسيح بشكل أكبر. دعاه صديقه لدراسة الكتاب المقدس وعرض عليه أن يلتقي في مقهى محلي في لتلقي الدرس.

أجبر فضول جون على قبول الدعوة، وانطلق في رحلة استكشاف واستقصاء. أثناء بحثه وتعمقه في تعاليم الكتاب المقدس، كان لديه العديد من الأسئلة حول المسيحية. واجه الاعتقاد بأن المسيح هو ابن الله، وكافح في البداية لقبول يسوع باعتباره ابن الله، وهو مفهوم تحدى في البداية.

مع ذلك، دفعته رغبته في فهم المسيحية إلى الأمام، مما دفعه إلى حضور خدمات الكنيسة مع أصدقائه الجدد. شعر جون بالانجذاب إلى السلام والهدوء الداخليين اللذين اكتشفهما في صفحات الكتاب المقدس.


التجربة الكنسية الأولى

برفقة أصدقائه المسيحيين الجدد، وطأ جون قدمه داخل الكنيسة لأول مرة. كان الجو مليئا بالصلاة والتسبيح والهتافات المبهجة مصحوبة بالموسيقى الرفيعة. في تلك اللحظة، اختبر جون إحساسًا لا يوصف بالقوة الخفية والسلام والصفاء. كان للحب والفرح اللذان واجههما داخل مجتمع الكنيسة صدى عميق في داخله، مما أجبره على استكشاف المسيحية بشكل أكبر. عندما اختتمت خدمة الكنيسة، تم منحه كتابًا مقدسًا باللغة العربية، مما أثار فضوله ومكّنه من التعمق في تعاليم يسوع المسيح.


احتضان حياة جديدة

بعد أن وجد جون المحبة والسلام في تعاليم يسوع المسيح، اتخذ قرارًا بتسليم حياته للرب يسوع المسيح خلال اجتماع الكنيسة، أعلن بجرأة إيمانه الجديد واعتنق المسيحية. أحيط برفقاء مؤمنين، صلوا من أجله. كرر الصلاة، وشعر بالولادة من جديد

كرس جون نفسه لدراسة الكتاب المقدس بشكل مكثف لمدة عام، وشهد تحولًا إيجابيًا في حياته. دراسة الكتاب المقدس لعام كامل، خضعت حياته لتحول ملحوظ.


المعمودية والخدمة المسيحية

في 2018، تم تعميده، مُعلنًا صراحة ولائه للمسيحية والتزامه باتباع الرب يسوع المسيح. مملوء بحماسة وشغف حديثين، شرع في مهمة نشر رسالة المسيحية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعلات اليومية. بشر جون بلا خوف بتعاليم المسيح، وعمد مؤمنين جدد، وشارك في الحب والسلام والفرح الذي اكتشفه في إيمانه.

جون غانم
تصميم من صفحة جون غانم على فيس بوك

الاضطهاد والتضحية..

طلاق زوجة جون غانم وأخذ ابنتيه عنه

بينما استمر جون في النمو بإيمانه، اتخذت رحلته منعطفًا غير متوقع. أحدث قراره باعتناق المسيحية تحديات كبيرة في حياته الشخصية. اختارت زوجته أن تطلقه، وفقا للعادات الإسلامية، حيث يحظر على المسلمات الزواج من رجل مسيحي.

علاوة على ذلك، تم اخذ ابنتيه المحبوبتين عنه. وفقدان حضانتهما، كما مُنع من الاتصال بهما. على الرغم من الألم الهائل والعزلة التي عاشها، ظل جون حازمًا في قراره باتباع المسيح ورفض التنازل عن معتقداته.

جاء تحوله إلى المسيحية بكلفة كبيرة. واجه الاضطهاد من الأصدقاء والمجتمع وحتى عائلته. هددوا حياته وحاولوا إجباره على التخلي عن إيمانه. لكنة ظل ثابتًا في إخلاصه للمسيح، وانغمس في محبة ونعمة يسوع في مواجهة الاضطهاد والتمييز المجتمعيين، ووجد القوة والمرونة من خلال إيمانه كما يقول.

 

إقرأ أيضًا كراهية أتباع المسيحية في اليمن

 


التبشير بالمسيحية وأمل العودة لليمن

بدافع من تحوله العميق ورغبته في مشاركة محبة المسيح، أصبح جون مبشرًا مسيحيًا. أدرك قوة وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر رسالة الخلاص، واستخدمها بنشاط لمشاركة إيمانه وتشجيع الآخرين في رحلاتهم الروحية.

لم يتأثر بالمصاعب التي واجهها، فقد اعتنق هويته الجديدة كمسيحي، وكرس نفسه لنشر رسالة الحب والسلام والفرح التي اكتشفها في يسوع المسيح.

من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعلات اليومية، شارك إيمانه، وعمد مؤمنين جدد، وأصبح مبشرًا للمسيحية. ويتمني أن يعرّف العالم عن محبة يسوع المسيح.

كان قلب جون مثقلًا بحبة لوطنه اليمن، يتوق إلى اليوم الذي يمكن فيه للمسيحيين في اليمن أن يتعبدوا علانية، ويبنوا الكنائس، ويعيشوا في محبة وسلام.

يتمني أن يعود إلى اليمن ويمارس حريته الدينية، حيث يمكن للمسيحيين ممارسة إيمانهم علانية. فالمسيحيون في اليمن يواجهون الاضطهاد، ويتم وتم تقييد حرية ممارسة عقيدتهم علانية.

فكر جون في حياته وخلص إلى أن قرار اتباع يسوع المسيح كان أفضل وأعظم خيار اتخذه على الإطلاق. لم يندم، لأنه فهم أن خلاصه، وغايته، ومصيره الأبدي متجذرة بقوة في المسيح.

خلال كل المحن والضيقات، ظل جون حازمًا في اقتناعه، عالمًا أن وجوده مضمون في احتضان مخلصه يسوع المسيح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.