حروب البروتستانت والكاثوليك وقصة استثمار الكراهية

حروب البروتستانت والكاثوليك
نتحدث في هذا المقالة عن قصة حروب البروتستانت والكاثوليك .. الأسباب والدوافع التي أدت لشلالات الدم بين الطوائف المسيحية.

كان يا ما كان، في العقود الثلاثة الأولى من القرن الأوّل ميلاديّ، تأسس الدين المسيحي في أرض فلسطين. أصبح اليوم الديانة الأكثر انتشارًا على امتداد قارّات العالم.

تتركز أكثريّة أتباع الدين المسيحي في أوروبا، والأميركيتين، وأوقيانيا، وجنوبيّ القارة الأفريقيّة. ينقسمون إلى طوائف متعددة، أكثرها أتباعا الكاثوليك، والأرثوذكس، والبروتستانت.

وقبل الحديث عن قصة حروب البروتستانت والكاثولويك، دعونا في البداية نقدم لكم هذه النبذة التعريفية عن هذه الطوائف.

حروب البروتستانت والكاثوليك


 

ماهي الطوائف المسيحية

الأرثوذكس هم أتباع الكنائس الشرقية والتي انقسمت في أعقاب مجمع القسطنطينية الخامس إلى قسمين كبيرين وهما الكنيسة المصرية أو القبطية أو المرقسية، والكنيسة القسطنطينية، وينتشر أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وعموم آسيا وصربيا ومصر والحبشة، ويتبعون أربع كنائس رئيسة لكل منها بطريك في القسطنطينية والإسكندرية وأنطاكيا وأورشليم.

الكاثوليك هم أتباع الكنائس الغربية التي يرأسها بابا الفاتيكان في روما. وينتشر أتباعها في بقاع كثيرة من العالم ويشكلون عدداً كبيراً من سكان أوروبا.

البروتستانت هم في الأصل من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، وكلمة بروتستانت معناها: المحتجون. انشقوا عن الكنيسة الكاثوليكية في منتصف القرن السادس عشر بعد عدة احتجاجات على ممارسات بابوات الكنيسة، ومنها قضية صكوك الغفران.

هناك الكثير من الطوائف، لكننا سوف نركز على هذه الثلاث المذاهب لأنها الأكبر عددًا والأطول عمرًا وهي من خاضت حروبا كثيرة في الماضي.

الطوائف المسيحية

 


 

قصة حروب البروتستانت والكاثوليك

بدأ الصراع بين الطوائف المسيحية في أوروبا منذ أن أصبحت المسيحية دين الدولة الرومانية في القرن الرابع الميلادي. حدث انقسام بين الارثوذكسية والكاثوليكية بين القسم الشرقي البيزنطي وعاصمته القسطنطينية، والقسم الغربي وعاصمته روما.

بلغ الصراع بين الطرفين لدرجة أن الحملات الصليبية الكاثوليكية هاجمت ونهبت وأحرقت عاصمة الارثوذكس، القسطنطينية.. وساعدت الاتراك المسلمين على إسقاط القسطنطينية بأيديهم في القرن الخامس عشر.. ليبدأ صراع هو الأعنف والأكثر وحشية في تاريخ حروب الطوائف. وتنامت الكراهية، والانقسام الديني في العالم أجمع، وثم إبادة ملايين الناس في حروب كثيرة ووحشية، والتي كان أكثرها عنفا هو حرب الثلاثين عامًا.

 

الخلافات والصراعات والحروب في حقيقتها لم تكن بسبب العقائد الدينية، ولكنها في حقيقة الأمر لأسباب سياسية واقتصادية تخدم مصالح الملوك والأمراء المتنافسين.

 

في منتصف القرن السادس عشر انشق البروتستانت عن الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا الغربية بعد عدة احتجاجات على ممارسات بابوات الكنيسة.. صاحبتها دعوات لتجديد الخطاب الديني. قامت حينها حركة إصلاحية داخل الكنيسة أنتجت انقسامًا رئيسيًا بين أتباع الديانة الواحدة، وهو مستمر حتى اليوم.

بدأ تنامي الكراهية واستثماره، وبدأت دعوات قتال الآخر؛ فاندلعت الحروب بينهما، وبدأ التاريخ دورة جديدة وعنيفة من الصراعات الطائفية.

البروتستانت والكاثوليك

 


أقسام حروب البروتستانت والكاثوليك

الحروب في الطوائف المسيحية تنقسم إلى قسمين.. أحدهما يعود إلى ما قبل ظهور حركة البروتستانت مثل حروب الهوسيين التي استمرت 15 عامًا. القسم الآخر بعد ظهور الحركة، وهي حروب كثيرة، لعل أبرزها حرب الثلاثين عامًا والتي تعد أهم الحروب وأكثرها عنفًا بين الكاثوليك والبروتستانت.

كانت عبارة عن سلسلة من الصراعات الدامية اندلعت بين عامي 1618 و1648م وانتهت بتمزيق أوروبا حصدت الملايين من الضحايا.

كانت المجازر تشمل قتل وحرق وتهجير الناس بين القرى المتجاورة وداخل البلدة الواحدة. اشتركت في هذه الحرب الوحشية معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر، فيما عدا إنجلترا وروسيا.

اندلع الصراع في البداية بشكل طائفي، لكنه تحوّل في النهاية إلى حمام دم دولي شاركت فيه ما يقارب 20 دولة أوروبية.

بدأت الحرب بخطابات كراهية قائمة على أساس ديني عام 1606 في مدينة دوناوفورت وهي إحدى مدن ألمانيا التابعة للإمبراطور الروماني الكاثوليكي. انتشرت حرب الخطابات السلبية، ودخل الجميع في مواجهة طائفية.

زاد الأمور تعقيدًا حاكم بلده اسمها بوهيميا عام 1617 بعد أن حاول الحاكم الذي كان كاثوليكيا متعصبا أن يفرض العقيدة الكاثوليكية على السكان الذين كانوا بغالبية بروتستانتية. منعهم من بناء عدد من الكنائس البروتستانتية فاندلعت ثورة عنيفة عام 1618 بلغت ذروتها عندما تم إلقاء اثنين من ممثلي الإمبراطور من نوافذ القصر الملكي في براغ.

أشعل هذا الحدث شرارة حرب الأعوام الثلاثين.

خسائر فادحة خلّفتها الحرب، أولها أعداد الضحايا.. ففي أيرلندا قُتل نحو مائة ألف رجل، وفي ألمانيا قُتل ثلث الرجال. هناك قٌرى تدمرت، ومناطق بأكملها أصبحت جرداء من نهب الجيوش.

انتشرت المجاعات والأمراض، وهلك الملايين من سكان الولايات الألمانية والأراضي المنخفضة وإيطاليا، بينما أُفقرت الكثير من القوى المتورطة في الصراع.

انتهت هذه الحروب عام 1648م بمعاهدة وستفاليا والتي أقرَّت الحرية الدينية للجميع، حتى يتمكن الجميع من العيش معًا بسلام وبلا حروب.

الخلاف بين الطوائف المسيحية

 


الدروس المستفادة

دائمًا ما يتم استثمار الكراهية في الحروب، لاسيما تلك التي تبدأ بصراع ديني بين أتباع طائفتين، لكنها تنتهي بصراع سياسي محلي أو إقليمي أو دولي.

تعلمنا من حروب البروتستانت والكاثوليك أن أهم أسباب الحرب الدينية ليست في وجود عداء حقيقي بين الطوائف.. بل وجود رغبة في استثمار الحرب لصالح الجهات المتحاربة.

تعلمنا أن دعوات الإصلاح الديني يجب أن يتم التعاطي معها بإيجابية لأنها قد تتحوّل إلى صدام مجتمعي.

تعلمنا أن استثمار الكراهية في الصراعات والحروب الدينية هو خسارة كبيرة وطويلة، مهما كانت الشواهد تقول إن هناك أرباحًا ومكاسب من ورائها.

وتعلمنا إنه مهما كانت الخلافات والانقسامات بين الطوائف حاضرة، يجب أن يكون هناك فرص لإعادة التفكير، وتجديد الخطاب الديني، والنظر للأمور بإيجابية، والتعامل بشكل جيد مع السلام والتسامح والتنوير.

ويجب أن نستفيد جيدًا من حروب البروتستانت والكاثوليك، فأوروبا الآن لا تعش ذات الصراعات والانقسامات والحروب الدينية والكراهية الدينية.. هذا السلام الذي تعيشه لم يكن سهلًا، بل جاء بعد سنوات من الحروب والحوار والتأكد من أن الكراهية والصراع لن يقودان أحد إلا إلى الموت والدمار.

حروب البروتستانت والكاثوليك
حروب البروتستانت والكاثوليك

المصادر

(1) انقر هنا

(2) انقر هنا

(3) انقر هنا

(4) انقر هنا

(5) انقر هنا

(6) انقر هنا

(7) انقر هنا


تم كتابة هذه القصة ضمن مشروع حكايات شهرزاد الذي يعمل على تأريخ الصراع وروايته من زاوية دينية. 

يمكنكم قراءة كتاب حكايات شهرزاد من هنا كتاب حكايات شهرزاد

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.