حروب الشيعة والسنة وحكاية خلق الكراهية

في هذه المقالة نتحدث عن واحدة من المآسي المستمرة منذ وفاة النبي محمد، عن حروب الشيعة والسنة وهما الطائفتين اللتين انقسمتا عن الدين الإسلامي بسبب الخلاف حول من يخلف النبي ويكون خليفة للمسلمين.

تأسيس الدين الإسلامي

كان يا ما كان، في القرن الخامس الميلادي، تأسس الدين الإسلامي في مكة. رافق تأسسه عداء من قبيلة قريش التي ينتمي إليها النبي محمد.

العداء الذي اتخذته قريش كان لأسباب كثيرة، أهمها أن الدين الإسلامي يدعو لعبادة الله الواحد، بينما اقتصاد مكة يعتمد على عبادة الآلهة المتعدّدة.. حيث كان يُحجّ إليها من كافّة أنحاء الجزيرة العربية وتُدرّ عليها ربحًا طائلًا، وبالتأكيد وجود دين جديد قد يؤثر على هذه التجارة.

 

الإسلام اليوم أصبح ثاني أكثر الديانات انتشارًا في العالم

 

ينقسم أتباع الإسلام إلى فرقتين هما:

السُنة ويشكل أتباعها حوالي 83%

الشيعة ويشكل أتباعها نحو 17 %.

 

تأسيس الدين الإسلامي


حروب الشيعة والسنة البداية والنشأة

بدأ الانقسام الأول بين المسلمين منذ وفاة النبي محمد بسبب خلاف نشأ في مكان يدعى سقيفة بني ساعدة.

توفي النبي محمد، فاجتمع المسلمين في سقيفة بني ساعده ليختاروا خليفتهم الجديد. اختلفوا حول من يكون، هل سعد بن عبادة أم أبي بكر الصديق. وبدأ الخلاف منذ تلك اللحظة، ولم يتنهِ حتى اليوم.
والخلاف في سقيفة بني ساعده لم يؤدي إلى أي صدام أو صراع أو حروب أو حتى ظهور لما يُسمى اليوم السنة والشيعة لكن أحداثه ظلت متوارثة.

يعتقد أتباع السُنة أن خليفة النبي محمد يجب أن يكون أبو بكر وعمر وبقية الخلفاء.

يرى أتباع الشيعة أن خليفته يجب أن يكون علي بن أبي طالب ثم أولاده من بعده وهم أحد عشر خليفة.

حروب الشيعة والسنة1

 


تمدد حروب السنة والشيعة

اتفق المسلمين على أبو بكر الصديق كخليفة للمسلمين، جاء بعده عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان الذي ينتمي لقبيلة بني أمية.

 

بني أمية بالمناسبة هم أولاد عم بني هاشم، لكن الخلاف على حكم قريش كان مستمرًا وطويلًا وحتى من قبل مولد النبي محمد.

 

قتل عثمان بن عفان وأثار مقتله انقسامًا ظاهرًا بين بنو أمية وبني هاشم، وكان هذا الانقسام في الفترة التي حكم فيها علي ابن أبي طالب والذي ينتمي إلى بني هاشم.

طالب بنو أميه من الحاكم أن يقوم بالقصاص من قتلة عثمان، لكن ذلك لم يحدث لأسباب ومبررات عديدة.

مرت أربعة أشهر ولم يتم القصاص لمقتل عثمان، فخرج جيش يقوده طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، بالإضافة إلى عائشة زوجة النبي محمد. اشتبكوا مع قوات الخليفة علي بن أبي طالب في موقعة شهيرة اسمها موقعة الجمل.

مهدت هذه الموقعة لقيام معركة أكثر شهرة منها وهي معركة صفين التي تعد أولى الحروب بين المسلمين.

كان طرفي معركة صفين هم جيش الخليفة علي بن أبي طالب، وجيش والي الشام معاوية بن أبي سفيان، وقد أسست لكل ما حدث بعدها من انقسام يعاني منه المسلمين حتى الآن.

حروب الطوائف الإسلامية

 


مقتل علي ابن ابي طالب وتوالي الحروب

عقب معركة صفين فوجئ علي ابن طالب بخروج أتباعه عليه. كان ذلك من فرقة تسمى الخوارج وهم من جنود علي ابن طالب، حيث انقلبوا عليه وقتلوه.. وبعد مقتله، قام ابنه الحسين بمبايعة معاوية على الحكم.

بعد وفاة معاوية تولي ابنه يزيد الخلافة، فخرج عليه الحسين بن علي ابن ابي طالب.. انتهى هذا الخروج بمقتل الحسين بشكل مأساوي للغاية، وبدأت الانقسامات تتعمق، وتتوالى، وتتحول من طابع سياسي إلى طابع عقائدي.

ألف ونصف عام من الحروب التي لم تتوقف عند موقعة الجمل أو معركة صفين أو ثورة كربلاء أو معركة النهروان أو مقتل الحسين بن علي على يد قوات يزيد بن معاوية، بل استمرت حتى مقتل زيد بن علي بأوامر هشام بن عبد الملك الأموي.. وانطلاق الثورة العباسية الهاشمية حتى سيطرت على معظم أراضي الدولة الأموية.. ومن ثم قيام العباسيين الهاشميين بقتل معظم الذكور من بني أمية ونهاية الصراع تمامًا لصالح العباسيين الذين تصارعوا مع بعض الشيعة كالعلويين وقتلوا منهم الكثير، رغم أنهم من نفس الأسرة الهاشمية.

 

اقرأ أيضًا الحرب في اليمن وحكاية تاريخ من الكراهية

 

حكاية الحروب الستة المُشار إليها في الأعلى هي جزء يسير من تاريخ مليء بالحروب بين السنة والشيعة، مثل الحرب العراقية الإيرانية.. والعنف التاريخي للسنة ضد الشيعة أو ضد السنة بحسب من منهما الأقلية في أي بلد.

غالبا ما يكون خلاف السنة والشيعة سببا في اضطهاد الآخرين مثل اضطهاد الشيعة الكشميريين بالقرب من الهند.

نشأت الكثير من الحروب الأهلية التي تزيد من العنف الطائفي بين المسلمين، بالإضافة إلى الكثير من التفجيرات التي حدثت خلال السنوات الماضية، مثل تفجير البصرة، وتفجير البطحاء، وتفجير مسجد الإمام الصادق، وتفجيرات بغداد، وتفجيرات زاهدان، وثورة شيعة العراق، والكثير من المجازر الحديثة مثل مجزرة البيضاء، ومجزرة الدجيل، ومجزرة حطلة، ومجزرة شيراز، ومجزرة مسجد مصعب بن عمير.

مقتل علي ابن ابي طالب

 


الدروس المستفادة

من حروب السنة والشيعة نستفيد أنه تم خلق الكراهية عبر التاريخ والجغرافيا والإنسان.. فهناك من علماء الشيعة من يقوم بتكفير أهل السنة والجماعة، والعكس صحيح.. وكلا الجانبين يتهم الآخر أن تصرفاتهم مخالفة لمبادئ الدين. يرى كلا منهما أن الآخر في ظلال وبعيد عن الدين الصحيح.

نستفيد إنه عبر التاريخ تم تعميق المسائل الخلافية الفقهية والتي عمّقت الكراهية، وزادت من فتاوى التكفير والاقصاء، فزادت معها الأحقاد، والخوف، والمعارك، والتمردات، والانتفاضات، وشيوع صفات غير جيدة يطلقها كلا منهما على الآخر. السنة يسموّن الشيعة روافض وخوارج، بينما يُسمي الشيعة السُنة نواصب وتكفيريين، وهي كلها خطابات كراهية، قتل بسببها الملايين عبر التاريخ من أقصى شرق البلاد الإسلامية إلى أقصى غربها.

قد تعلمنا أنه لا يوجد حدود مكانية للكراهية، فقد صُنع الخلاف في سقيفة بني ساعدة.. وتطور في بصرة العراق، وتوحش في صفين بسوريا، حتى وصل إلى كل مكان تقريبًا.

تعلمنا إنه لا يوجد حدود زمانية للكراهية، فقد امتدت الحرب نحو ألف وخمس مئة عام، حتى كبرت وتضخمت وتشعبت.

كما تعلمنا أنه ليس هناك حدودًا حضارية للكراهية.. فقد اخترقت أو عاشت بموازاة عشرات الحضارات من الأموية إلى العباسية والفاطمية والصفوية والعثمانية وصولًا إلى حضارة القرن الواحد والعشرين.

تعلمنا إن الكراهية تخترق الحدود الإنسانية، ويتحول الإنسان إلى قاتل لأبناء وطنه، لجاره وصديقه.

 

 

لقد حولتنا الكراهية إلى مجتمعات إنسانية مهترئة ومنقسمة ومتحاربة، والأمر الخطير في خلق الكراهية، أن من يخلقها يدرك أنه يخلق شيطانا لا يموت. وعلى مر الأزمنة والأمكنة والحضارات، والمجتمعات الإنسانية تضل الكراهية تنمو وتكبر حتى تصبح عملاقا يأكل الأرواح والأجساد والإيمان والمحبة والسلام.

 

حروب الشيعة والسنة


المصادر

(1) انقر هنا

(2) انقر هنا

(3) انقر هنا

(4) انقر هنا

(5) انقر هنا

(6) انقر هنا

(7) انقر هنا

(8) انقر هنا


تم كتابة هذه القصة ضمن مشروع حكايات شهرزاد الذي يعمل على تأريخ الصراع وروايته من زاوية دينية. 

يمكنكم قراءة كتاب حكايات شهرزاد من هنا كتاب حكايات شهرزاد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.