الآليات المحلية في اليمن لحماية الحرية الدينية

حماية الحرية الدينية
تُعد حماية الحرية الدينية في اليمن قضية معقدة بسبب التركيبة الاجتماعية والسياسية والطائفية المتشابكة في البلاد وغياب التنوع والتعدد الديني.

حماية الحرية الدينية في اليمن


آليات حماية الحرية الدينية في اليمن

تتأثر حماية الحرية الدينية في اليمن بعوامل متعددة تشمل الإطار القانوني والتشريعي، وجهود منظمات المجتمع المدني. بالإضافة إلى العُرف والتقاليد المحلية. مع ذلك، يمكن ملاحظة أن الآليات المحلية المتخصصة في حماية الحريات الدينية ومناصرتها والدفاع عنها غائبة إلى حد كبير. مما يجعل هذه الحريات عرضة للانتهاكات والتقييدات.

ينص الدستور على مبادئ عامة تحمي حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية. على سبيل المثال، الدستور اليمني يؤكد على حرية الفرد في الاعتقاد والعبادة. لكن هذه النصوص غالبًا ما تظل حبرًا على ورق بسبب عدم وجود آليات تنفيذية فعالة. القوانين المحلية إما أنها غير كافية أو غير مطبقة بشكل صارم، مما يترك مجالًا واسعًا للانتهاكات.

ويمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا محوريًا في تعزيز وحماية الحريات الدينية. لكن في الواقع، جهودها في هذا المجال أقل من الضعيف. هذه المنظمات تواجه تحديات كبيرة، منها القيود الأمنية، ونقص التمويل، وعدم وجود دعم حكومي أو شعبي كافٍ. بالإضافة إلى ذلك، قد تتعرض هذه المنظمات لضغوط سياسية أو اجتماعية تمنعها من العمل بحرية وفعالية.

العُرف المحلي يمكن أن يكون أداة قوية في حماية الحريات الدينية، خاصة في المجتمعات التي تتمتع بتقاليد تسامحية. مع ذلك، في ظل الصراعات السياسية والاجتماعية، غالبًا ما تتعرض هذه التقاليد للتآكل، مما يؤدي إلى تقليص مساحة الحرية الدينية. في بعض الأحيان، يتحول العُرف المحلي إلى أداة قمعية تفرض قيودًا إضافية على الأقليات الدينية.

ما يزيد الطين بلة هو غياب الآليات المحلية المتخصصة في حماية الحريات الدينية. هذه الآليات يمكن أن تشمل هيئات مستقلة، أو لجان حكومية، أو حتى منظمات غير حكومية متخصصة. وجود مثل هذه الآليات يمكن أن يوفر حماية قانونية ومجتمعية للأقليات الدينية، ويساعد في تعزيز ثقافة التسامح والتفاهم المتبادل.


الدستور اليمني و حماية الحرية الدينية

تتأثر حماية الحرية الدينية في اليمن بالإطار القانوني والتشريعي إذ ينص الدستور اليمني على أن الإسلام هو دين الدولة، والشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات. يؤكد على حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، طالما لا تتعارض مع النظام العام.

يكفل الدستور حرية الفكر والتعبير “في حدود القانون”، ولا يذكر صراحة حرية الدين أو المعتقد. بالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون اليمني التحول عن الإسلام (الردة) ويعاقب عليها بالإعدام بعد الاستتابة ثلاث مرات وإمهال الشخص ثلاثين يومًا.

المادة (41) من الدستور تنص على أن “لكل فرد الحق في الاعتقاد والعبادة، ولا يجوز إكراه أحد على اعتناق دين معين”.


القوانين اليمنية و حماية الحرية الدينية

لا يوجد قانون خاص بالحريات الدينية في اليمن. هناك نصوص عامة في الدستور والقانون تتحدث عن عدم جواز التمييز بين اليمنيين بدافع الدين أو العرق.

هناك قوانين تحمي حقوق الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية، لكن تطبيق هذه القوانين غالبًا ما يكون محدودًا لأسباب قد تكون اجتماعية.

قانون العقوبات اليمني تناول الحرية الفكرية ضمن قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1990م الذي أتاح حرية الفكر كحق ولكن ما تنص عليه أحكام القانون يتم تفسيرها وفق الشريعة الإسلامية.


لا توجه حكومي لحماية الحرية الدينية

لا توجد مبادرات وطنية للتوعية بحقوق الأقليات الدينية. ولا توجد آلية محلية للدفاع أو حماية الحريات الدينية، ثمة منظمات حقوقية تناصر كافة انتهاكات حقوق الإنسان. لكن وبغية انصاف ضحايا الانتهاكات، أنشأت اليمن في 8 سبتمبر 2015 بموجب قرار جمهوري لجنة تحقيق وطنية مستقلة للتحقيق في الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان منذ الانقلاب، وقررت في 24 سبتمبر 2020 اتخاذ “إجراءات لازمة لإنشاء محكمة ونيابة نوعية للنظر في قضايا حقوق الإنسان المحالة من اللجنة”.

تقول عضوة اللجنة المحامية إشراق المقطري إن اللجنة رصدت أسماء ضحايا الانتهاك في العقيدة من أتباع الديانة البهائية في صنعاء ومنظماتهم، وأجرت مقابلات مع عدد منهم وعدد من أهالي الضحايا، سواء ضحايا صنعاء أو عدن.

قالت المقطري: “اصدرنا ملحقًا خاصًا بالانتهاكات التي طالت البهائيين في التقرير الدوري الخامس”. فيما تشير إلى أن اليمن لم تتخذ أي تدابير للاعتراف بالأقليات الدينية وحقوقهم المدنية.. “لذلك هناك صعوبة في الإعلان عن انتمائهم الديني نظرًا للتشدد الفكري المتطرف لدى كافة الأطراف في اليمن وهذا ما أنتج صعوبة في مسألة التبليغ عن القضايا المتعلقة بالانتهاكات الدينية”.


المجلس الوطني للأقليات

ورفضت الحكومة اليمنية الاعتراف بالمجلس الوطني للأقليات في اليمن الذي تأسس في 21 مارس 2022.. بهدف الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية والعرقية وتعزيز قيم التسامح والتعايش.

ودعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية جميع المنظمات الدولية والمحلية إلى عدم التعامل مع المجلس الوطني للأقليات، معتبرةً إياه كيانًا غير شرعي لعدم استكماله إجراءات التسجيل القانونية.

يضم المجلس ممثلين عن عدة أقليات، بما في ذلك المهمشين، اليهود، البهائيين، والمسيحيين. يترأس المجلس نعمان الحذيفي، ممثل فئة المهمشين، ويشغل يحيى يوسف موسى، ممثل الأقلية اليهودية، منصب نائب الرئيس، بينما يتولى وليد عياش، ممثل الطائفة البهائية، منصب الأمين العام.

يهدف المجلس إلى تعزيز قيم الشراكة بين مكوناته، وتوحيد المواقف تجاه القضايا الحقوقية والمدنية والسياسية والوطنية، بما يسهم في تعزيز قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر والمواطنة المتساوية. كما يسعى إلى تبني قضايا هذه المجموعات في المحافل الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة في ظل الممارسات العنصرية التي تتعرض لها بعض الأقليات.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.