أصيل سارية
“كانت تجربتي مع خلع الحجاب قاسية وأثرت عليّ نفسيًا” هكذا تحدث إلينا سعاد عبدالله الناشطة في حقوق المرأة، عن تجربتها في خلع الحجاب. تقول: “لقد مررت بمرحلة اكتئاب كبيرة نتيجة لما تعرضت له من هجمات كبيرة، وصل بعضها حد التهديد والسب والقذف لها ولعائلتها”.
كثير من الفتيات اليمنيات اللواتي قررن خلع الحجاب مررن بتجارب قاسية حتى وإن كُن خارج اليمن. تقول عهد ياسين وهي باحثة وصحفية مقيمة في القاهرة، والتي قررت خلع الحجاب؛ أنها كانت ضحية لخطاب الكراهية من أشخاص مقرّبين منها، ومع ذلك تقول إنها قررت أن تتمرد على المنظومة الاجتماعية بشكل عام.
أصبحت شخص مُدان!
تضيف: “أصبحت شخص مُدان ومُرتكب جريمة بالنسبة لهم، وأصبحت تصلني تعليقات ورسائل بأنني لست يمنية ولا أشرّف مدينتي عدن، وأصبح الكثير يقولون لي: روحي استري نفسك أو إلبسي لبس محترم”.
يظل الحجاب في مجتمعات منغلقة مثل اليمن هو الأساس الأول لتقييم المرأة بعيدًا عن أية معطيات أخرى، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ما تزال وجهات النظر الدينية هي التي تؤثر بشكل أكبر على مستخدميها. ترى عهد بأنها مهما كانت ناجحة في عملها أو حتى كانت ملتزمة أخلاقيًا فإن الفتاة التي خلعت الحجاب لن تكون في نظر الكثيرين إلا فتاة غير ملتزمة، ومتمردة على المنظومة الأخلاقية والاجتماعية.
تؤكد عهد بأن تجاهل الرسائل التي وصلت اليها والتعليقات التي تتلقاها ساهمت بشكل لا بأس به في تخفيف ما يصل إليها من انتقادات أو تعرضها لخطاب كراهية قد يؤدي إلى أذيتها مستقبلًا.
الحرية في مواجهة النصيحة والتهديد
يقوم الدين الإسلامي في أساسه على النصح والتذكير وترك الحساب لله وحده، هو ما نصت عليه آيات قرآنية كثيرة منها الآية رقم 125 من سورة النحل “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” ويقول المفسر ابن جرير في تفسير هذه الآية بأن النصيحة والموعظة تكون بالمناظرة ولين الخطاب وليس بحساب الناس، حتى أن التحذير يكون برفق وليس بالوعيد والتهديد.
إلا أن هناك من جعل من نفسه وصيًا على الدين وحياة الناس لا سيما النساء، من خلال تعليقاته ورسائله ومطارداته للفتيات اللواتي خلعن الحجاب، وهو يظهر فيما تعرضت له عهد وسعاد بعد أن قررتا خلع الحجاب، حيث تقول عهد أن الكثير من الناس اتهموها بالكفر والخروج من الدين والإلحاد، حتى من أشخاص ليس لهم التخصص في ذلك، وتقول بأن العديد من الرسائل التي وصلتها فيها اتهام صريح لها بجر الفتيات إلى خلع الحجاب والانفتاح، “حتى أصبحنا مثال سيء للفتيات في اليمن” بحسب عهد.
الإسلام أباح النصح
ومع أن الدين الإسلامي وفي عديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، أباح للمسلمين تقديم النصائح لبعضهم البعض ولكن في حدود معينة لا تصل أبدًا لإصدار الأحكام أيًا كانت، وهو ما يؤكده الداعية الإسلامي فايز السومحي الذي يقول إن النبي محمد قال في حديث صحيح “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.
يشير السومحي أن النصح واجب على كل مسلم ومسلمة فيما يتعلق فقط بالنصح باللسان أو القلب، أما النصيحة باليدين أو إصدار أحكام معينة فهي خاصة بالسلطان مثل الرئيس أو الأب في بيته، ويضيف: “الناس بينهم البين، فليس لديهم إلا الكلمة الطيبة، والجدال بالكلمة الحسنة، فإن استجابت تلك الفتيات فإنه أمر جيد، وإن لم يستجبن فليس على الناس حسابهن”.
يضيف السومحي أن على الناس ألا تحكم على من يعصي من الناس، رجالًا ونساء، وإنما عليهم النصح فقط، وليس تكفير الناس، وعلى الفتيات اللواتي يتعرضن لهذا الهجوم أو التنمر أن يفكرن فيما قُمن به.
التعليقات مغلقة.