شاب ثلاثيني، يعيش في (جوا - الهند) تلك المدينة الساحلية التي يرتادها السُياح من مختلف أنحاء العالم لقضاء بعض الوقت بين أحضان الطبيعة وعلى سواحلها المنتشرة بكثرة.
ثمة أناس نحتوا أسمائهم على جدران الذكريات، غيّروا تلك النظرة عن اليمن التي كانت تُصدّر البُن وتحوّلت إلى مُصدرة للإرهاب، كوّنوا علاقات جيدة مع جنسيات متعدّدة وقدّموا صورة مختلفة عن شباب اليمن تختلف كثيرًا عن صورة اليمني الذي يحمل أسلحته ويهتم بقضاء يومه بمضغ القات.
أحد أولئك هو “محمد الفائق المعروف بالدودي”
نشأ في صنعاء من أسرة متوسطة الدخل، حصل على المرتبة الأولى في الثانوية العامة من محافظة “صعده” عن مدرسة “الواسعي” وكوفئ بمنحة دراسية للدراسة في الخارج، أكمل البكالوريوس والماجستير في تكنولوجيا المعلومات في “الهند” ولأنه فطِن وذو تفكير مستقبلي بدأ بالتفكير في المستقبل وأين سيكون استقراره.
لا يساوم على حبه لبلده، ذلك فرض احترامه وحبه لدى ولاية لا يزورها سوى سياح
بعد اكماله الدراسة فكّر بالعودة إلى الوطن ولكن معرفته بأحوال البلد البائسة وشحة فرص العمل، وأيضًا حبه وشغفه بمدينة (جوا) جعلاه يصرف النظر عن العودة، وبدأ المرحلة العملية، فتمكن من جمع بعض المال بجهد شخصي وبدأ بعض الاستثمارات.
ومنذ وصوله كوّن علاقات قوية مع أهالي المنطقة والمقيمين الأجانب هناك، ولأنه يحترم الآخرين وثقافاتهم؛ نقل صورة حسنة عن اليمن وثقافتها في مدينة يوجد بها عديد من الجنسيات المختلفة والثقافات المتعددة.
كان انتماءه لليمن وحبه لها والدفاع عنها هو الشيء الذي لا يقبل المساومة عليه، ذلك أدى لفرض احترامه واعتباره مهاجرًا أجبرته الظروف الصعبة على الابتعاد عن موطنه طلبًا للعيش، وليس لسبب آخر.
إذا كنت في الهند وتعرّضت لأي مشكلة، فلا تقلق إن خذلتك الجهات الرسمية، فالدودي لن يخذلك
في (جوا) خصوصًا أو الهند عمومًا، ستسمع عن “الدودي”. خدماته التي يقدمها للعرب ككل جعلت من اسمه يتردد كثيرًا، حتى أن أي طالب يمني يقع في أي مشكلة لا يُفكر في التواصل مع الجهات الرسمية هناك؛ بل يلجأ إليه بشكل سريع، إنه شاب يمني أكبر من سفارة.
ذلك ليس اتهامًا أو تصغير من حجم السفارة ودورها، ولكن حدث أن أحدهم تعرّض جوازه لإهانة بالغة من قِبل ضابط شرطة هندي، ورغم هذه الاساءة التي تمس سمعة وسيادة البلد إلّا أن السفارة والقنصليات والجاليات لم تفعل أي شيء، ثمة من فعل شيء، إنه “الدودي” الذي انتزع اعتذار من الضابط وأجبره على تقبيل الجواز.
يمنيون في “بونا” التي تبعد حوالي 500 كيلو متر عن “جوا” تحدثوا عن مشكلة كبيرة واجهها يمنيون مع إيرانيين، وبعيدًا عن تفاصيل المشكلة لكنها توسعت حتى أصبحت تمس أغلب اليمنيين والإيرانين هناك، ما اضطر “الفائق” لمغادرة مكان سكنه والتوجه إلى مكان المشكلة والتوصل إلى حل لها عبر وساطات عديدة.
كل ما أتمناه هو أن ترتقي عقليات اليمنيين وتترك تقييم الآخرين والنظر إلى عيوبنا والرقي بأفكارنا
هناك يمنيون في المهجر سطّروا أروع البطولات الإنسانية، تحدّوا ظروف بلدهم السيئة، صنعوا من أنفسهم رجالًا في الوقت الذي غاب الدور الرسمي والرئيس من مكاتب السفارات اليمنية، إنهم يمنيون لا يهتمون بالعمل من أجل تسليط الضوء الإعلامي عليهم.
تلك الإبتسامة التي يواجهك بها “الدودي” في المهجر تكفي لأن تُذكّرك ببساطة الشعب اليمني ونقاء قلوبهم التي لطّختها المنابر المختلفة واستغلتها المؤسسات الدينية لتجييشهم ضد خصومهم السياسيين ودعمًا لأهدافهم السياسية.
مجدداً، في المهجر؛ ثمة يمنيون نحتوا أسمائهم -بلطف- على جدران الزمن، غيّروا تلك النظرة عن اليمن التي كانت تُصدّر البُن وتحولت إلى مُصدرة للإرهاب.
التعليقات مغلقة.