تعد اليمن بيئة غنية بالتنوع الثقافي. هناك طوائف دينية تعايشت منذ مئات السنين، أبرزها البُهرة بضم الباء. هي طائفة مسلمة، تُعد أحد الأفرع الإسماعيلية التي تنتمي إلى إسماعيل بن جعفر الصادق المنحدر من سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب.
كل ما تود معرفته عن البهره في اليمن
يوصف البهرة بأنهم إسماعيلية “مستعلية” أو “طيبية”، نسبة إلى الإمام “المستعلي”، ومن بعده “الآمر” ثم ابنه “الطيب”. هم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة، وعملوا بالتجارة، فوصلوا إلى الهند، واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا، والبهرة: لفظ هندي قديم، بمعنى “التاجر”.
إقرأ أيضًا: هل عبادة البقر عقيدة هندوسية؟
أين يتواجد أتباع البهرة في اليمن؟
يتركز معظم أتباع البهره في شرقي حراز (غرب العاصمة اليمنية صنعاء) يتواجدون في ثمانية وخمسين قرية، منها قرية الحُطيب التي أصبحت مركزًا لطائفة البهرة الداؤدية.
أصبحت الحطيب أهم مركز للبهرة بعد بومباي الهندية،
كم عدد البهرة في اليمن؟
يتراوح أعدادهم في اليمن بين 12 – 17 ألف، وهذا الرقم جزء من الأتباع المنتشرين حول العالم.
تقدر أعدداهم في العالم بنحو مليون شخص. يتوزعون في دول عربية منها: مصر، الإمارات، الأردن، والسعودية. كما يتركزون بشكل كبير في الهند وباكستان.
لماذا سمي البهريين بهذا الاسم
يقول الأستاذ الجامعي وأحد مشايخ البهرة أحمد النجار “أتت تسميتهم من خلفيتهم التجارية”. والبهرة: لفظ هندي قديم، بمعنى “التاجر”. يقول إن البهريين انهمكوا في تجارتهم، وانشغلوا في التطور الحضاري والاقتصادي والاجتماعي. ويشير إلى أن أتباع البهره يمتازون بملابسهم وقبعاتهم المزخرفة باللون الذهبي بالنسبة للرجال.
بماذا يؤمن البهريين؟
يقول الدكتور النجار إن البهرين يؤمنون بواحدية الله، وأن محمداً رسوله. ويؤكد إنهم يعتقدون أن عترة النبي الأطهار من نسل فاطمة الزهراء هم خلفاء الله في أرضه، وأمنائه على عباده.
بحسب النجار: “يقوم منهم إمام بعد إمام بالنص والتوفيق كما أوضح ذلك سيدنا القاضي النعمان بن محمد في كتابه (دعائم الاسلام الجلد الاول)، وكما أوضح سيدنا حميد الدين الكرماني في كتابه (المصابيح في اثبات الامامة ) إن الأرض لا تخلو من أئمة أهل البيت مهما جار الزمان، ومهما تغيّرت الأحوال والظروف”.
ماهي المبادئ الدينية للبهرة؟ه
قام دعاة طائفة البهره بالدعوة إلى مبادئها في اليمن والهند، وركزت هذه المبادئ على التالي:
- الالتزام بالدين الإسلامي وأصوله
- التسامح مع جميع المذاهب،
- تجنب التدخل في السياسة
ساهمت هذه المبادئ بنشر الدعوة في أفريقيا وفي السواحل اليمنية مثل عدن والحديدة والمخا وغيرها، وفي اليمن الأعلى صنعاء وغيرها من المناطق، والآن في دول الخليج منشغلون في وظائفهم وتجاراتهم.
تجدر الإشارة إلى أن أتباع البهرة ملتزمين بمبادئ الدين الإسلامي ودعائمه ولا يختلفون مع اخوانهم المسلمين في شيء، إلا في مسألة الإمامة القائمة في كل عصر وزمان في نسل رسول الله، وأنه لا يقبل فيهم أي ترهات وأكاذيب لأغراض سياسية أو مذهبية، أو أن يلفق عليهم أي كلام لا أخلاقي كأن يقال عليم إنهم خارجون عن الملة كما قامت بعض الفتاوى والمزاعم الباطلة ضدهم.
لا مكان لـ “القات” طائفة البهره
تتعدد نشاطات طائفة البهرة، لكن أغلب مبادراتها تركزت على اقتلاع شجرة القات (يعتبر من النباتات المخدرة) وعدم زراعته، وإيجاد البدائل التي كان لها اثرا ملموسا في التكافل الاقتصادي.
يوضح النجار أنه لم تقتصر اهتمامات البهرة على نفسها فقط، بل كان لها مبادرات جيدة في اقتلاع شجرة القات وزراعة البن بدل عنه، حيث دعا الزعيم الروحي لطائفة البهرة إلى حملة تطهير لأراضي شرقي حراز من هذه الشجرة، التي كانت السبب في إعاقة أتباعه والشعب اليمني بأسره من التطور على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي والاقتصادي. حيث، رأى أن القات لا يمكن أن يبقى، فالزمهم استئصالها، وقام بمساعدة المزارعين لدفع نفقات القلع، وتعويض أصحاب الاراضي، واعطائهم بديلاً عن ذلك، يتمثل في المشاريع التالية:
- القرض الحسن الذي يتبع الشريعة الإسلامية، على شرط أن يأتوا باثنين ضمناء، ورهن ذهب.
- تربية المواشي: ويتمثل في إعطاء من يقتلع شجرة القات ماشية يقوم برعيها، إضافة إلى توفير الرعاية الصحية.
- مشروع إنشاء مناحل لتربية النحل.
- عداد وزرع البن واستبدال الأراضي التي كانت مزروعة بشجرة القات بشجرة البن.
- تقديم دعم وإمدادات طبية وتعليمية يساهم في رفع المستوى المعيشي للمواطنين.
البهرة في اليمن .. نماذج ناجحة طائفة البهره
استطاعت عدة نماذج من الشباب كمرتضي هبه ومحمد غالب من أبناء هذه الطائفة الاستفادة من المشاريع التي سبق ذكرها. حيث، استطاعوا أن يؤسسوا تجارتهم عبر أخذ قروض من “القرض الحسن” المتاح لأبناء هذه الطائفة.
بدء مرتضى هبه العمل من خلال بيع الملابس بكشك بسيط، ثم طلب قرض من مشروع “القرض الحسن” بمبلغ ثلاثة مائة ألف ريال يمني لتطوير البسطة التي يعمل بها، واستطاع بعد عامين سداد القرض بشكل كامل حسب المتفق عليه، ثم عاد وأخذ قرضا آخر استطاع من خلاله توسيع تجارته واستئجار محل.
في حين، يعتبر محمد غالب نموذج آخر من شباب البهرة الذي استفاد من هذا القرض، محمد لديه محل للملابس ويقع في سوق الملح أحد أشهر الأسواق بصنعاء القديمة، وبسبب المنافسة القوية والصعبة، احتاج إلى رأسمال قوي للمنافسة، فكر محمد بإنشاء معمل خياطة ملابس رجالية، لكون جائحة كورونا جعلت من الاستيراد مهمة صعبة، لكنه افتقر لرأس مال لهذا المشروع. لذلك لجأ غالب أيضا لـ “القرض الحسن” وبالفعل حصل على قرض ساعده لإنشاء معمل خياطة، للتوسع تجارته، وحالياً أصبح يبيع الملابس للمحلات التجزئة.
تقرير ل: أنور دهاق كُتب لمنظمة الإنتر نيوز - زمالة الصحافة والحريات الدينية - إشراف حسين الشريف
التعليقات مغلقة.