مع اشتداد الحرب في اليمن، تلاشت الأعمال الفنّية ذات الطابع الإيجابي، لتحلّ محلّها ما يُشبه الزوامل والزوامل المضادّة. هكذا اضمحلّ الفنّ في اليمن كرسالة مجتمعية
أدّت الحرب في اليمن إلى غياب الكثير من الأعمال التي اعتاد البلد على الإحتفاء بها. ولعلّ أهمّها “الأسبوع العالمي للمسرح” الذي كانت اليمن تحتفل به عبر مسرحيّات متعدّدة على مدى اسبوع كامل. كما غابت الكثير من المهرجانات والاحتفالات الفنية المهمة على الساحة.
ومع هذا الغياب، اختفى أيضًا أحد أكبر المهرجانات اليمنية الموسمية “أعيادنا غير” الذي يتمّ تنظيمه فترة العيد في حديقة السبعين بصنعاء، نظرًا للوضع الأمني بحسب ما يُقال، أو ربما لأسباب تتعلق بالثقافة الدينية للحًكام الفعليين في اليمن، لا سيما المناطق الشمالية منه.
كانت فرقة النوادر الفنية هي المسئولة عن تنظيم مهرجان “أعيادنا غير”، لكنها وعقب ايقاف مهرجانها السنوي، تحوّلت إلى “مجموعة” لتلجأ إلى تنظيم مهرجات صغيرة، تقود من خلاله ذات الدور الذي كانت تقوده في أعيادنا غير: “حشد أكبر عدد ممكن من الفنّانين المؤثّرين في المجتمع اليمني” وخلال احتشادهم واحتفالهم، يقومون بالتحدّث مع الناس بشكل مباشر، ليناقشوا عدداً من القضايا المجتمعية المتعلّقة بالمجتمع كالمطالب بضرورة السلام والحفاظ على تماسك المجتمع.
مجموعة النوادر هي رسالة حب وسلام نمررها عبر الفن
يقول الفناّن نادر المذحجي، رئيس الفرقة، “إن المهرجان يُعدّ حاضنة جيّدة لفئات المجتمع المختلفة، ونراها فرصة مناسبة لعملية زراعة الأفكار الإيجابية، التي يتمّ تقديمها عبر شخصيّات مشهورة في المجتمع، ويتّخذ منها البعض قدوة لهم، ويعملون على تقمُّص شخصيّاتهم وأفكارهم”.
يجتمع فريق العمل لمناقشة قضايا المجتمع والإتّفاق مع الفنّانين على مناقشتها عبر أعمالهم ثمّ تعمل اللجنة على التنسيق مع الممثّلين والإعلاميّين الذين من المقرّر حضورهم، وتبلغهم عن القضية التي ستتمّ مناقشتها معهم على خشبة المسرح، حيث تكون العملية تفاعلية مع الجمهور.
يقول المذحجي: التفاعلية في المناقشة من الطرق الناجحة لحصد مؤيّدين، إذ إنّها تستبدل التوجيه والتعبئة بتبادل الآراء، الذي يتطوّر في ما بعد إلى مناقشات خارج إطارها المحدود، لتصبح قضية تهمّ الكثيرين.
احتفالات رغم الحرب:
على الرغم من ظروف الحرب، تمتلئ القاعات التي تحتضن أعمال المجموعة، هذا المشهد أثار اندهاش الفنّان يحيى ابراهيم، الذي قال أن المشهد يصنع فرحة في القلب لرؤية الناس، وهم يحتفلون رغم الظروف والحرب، متمنّياً أن “يتلافى المجتمع القتال والنزاعات والتشتّت” وأن “يحلّ السلام في اليمن”.
كيف يتحوّل مهرجانًا فنيًا لاسلوب توعوي؟
يقول الفنّان بشير العزيزي، إن “مهرجانات المجموعة تقوم بتخصيص قضية لمناقشتها من كلّ الجوانب، وتخصيص الوقت الأكبر لها، بالإضافة لفقرات المهرجان المسلّية، ولا يتمّ منح الفائزين في السحوبات الجوائز المعتمدة لهم من الشركات التجارية، إلّا بعد تقديم سؤال متعلّق بقضية اليوم، ومنحه خيارات، ومناقشتها مع الجمهور، وبهذه الحالة يتمكّنون من إيصال أيّ فكرة لأكبر قدر ممكن من الجمهور”.
ويشير الفنّان عماد الجعدي، إلى أن أهمّ القضايا التي يتم مناقشتها هي القضية الرئيسة في اليمن، وهي السلام ومناشدة الجميع بأن يعمل من أجل السلام والتعايش المجتمعي. وإلى جانبها يتم مناقشة الحفاظ على اللحمة المجتمعية والتعاون المجتمعي، والوحدة الوطنية والوحدة الإنسانية، وتعزيز الأخلاق المجتمعية ونبذ التعصّب، وحبّ الحياة، إلى جانب فكرة: الواحد من أجل الجميع والجميع من أجل الواحد“.
وتؤمد المجموعة في مهرجانها، أنّها ترفض لغة العنف، تلك اللغة التي تنادي بالتمزّق، أو تلك اللغة التي تنادي بالعنف من أجل السلام، كما تشدد على أن العنف لا يُولّد سوى العنف، والتمزّق لا يُولّد سوى التشتّت والدمار، وأن السلام يُولّد التنمية والاستقرار، والأمن والبناء، وازدهار الاقتصاد وتطوّر الوطن.
التعليقات مغلقة.