المحور الأول:
تحليل الوضع الصحي والعام من حيث الاستعداد والاستجابة
الوضع الصحي
- صحيح أن اليمن رسميًا هو الأقل إصابة في الشرق الأوسط في أعداد المصابين ب COVID-19 لكن في الواقع إن الفايروس ينتشر بصورة غير مرئية وغير مكبوحة.
- أعداد الوفيات من الحالات المصابة (الحالات الحرجة) بكوفيد19: بحسب بيانات الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط فان معدل الوفيات في اليمن من كوفيد-19 بلغت 24.2% حتى تاريخ 10 يونيو 2020 فيما وصل إلى 40% في مركز العزل بمستشفى الأمل في عدن بحسب منظمة أطباء بلا حدود رغم أنه ليست كل الوفيات تسجل رسميا أو على الأقل يعلن عنها بشفافية.
- يصعب قياس مدى تفشي فيروس كورونا في اليمن، مما أضطر الخبراء إلى تتبع ورصد أعداد القبور المستحدثة ومقارنتها بوفيات السنة الماضية. حيث أظهرت دراسة لمقارنة الوفيات من 1 – 17 مايو 2020 ارتفاع عدد الوفيات ثلاثة أضعاف لنفس الفترة 2019. وأجرت السلطات أقل من 1000 اختبار COVID-19، أو 31 فحص لكل مليون مواطن.
- هناك خلل في مشاركة المعلومات وأعداد الحالات وتضارب الإحصائيات ورغم تحسن العمل في هذا الجانب إلّا أنه إلى الآن لا يوجد مصدر موحد وموثوق يتحدث بشكل واضح عن الحالات المشتبه بها وعن الإجراءات التي تم تنفيذها وعدد الفحوصات التي تم فحصها.
بمقارنة الوفيات من 1 – 17 مايو 2020 مع نفس الفترة في 2019 هناك ارتفاع مقداره 3 أضعاف
- وفقًا لتقرير الوضع الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية – 18 مايو، يوجد في اليمن حاليًا أقل من 150 جهاز تنفس اصطناعي، وحوالي 500 سرير وحدة للعناية المركزة، وخمسة مختبرات فقط قادرة على إجراء اختبارات COVID-19. هناك شحة كبيرة في محاليل الفحوصات حتى وإن وجدت الأجهزة للفحص.
- ثبّط كوفيد-19من قدرة اليمن على التعامل مع الأزمات الصحية الأخرى ففي حين ارتفعت حالات الضنك المسجلة في الأسابيع العشرين الأولى من 2020 مقارنة بالسنتين السابقتين لها لم تتم أي استجابة وبائية شاملة في مناطق الانتشار.
- أغلقت بعض المستشفيات بسبب مخاوفها من التلوث بالمرض، أو بسبب نقص الإمدادات الأساسية التي يمكن أن تحمي صحة العمال، وامتلأت مستشفيات العزل بالذات في عدن. ورفض آخرون المرضى اللذين طلبوا المساعدة بسبب صعوبات التنفس. وخوف العاملين الصحيين من الإصابة بالعدوي في ظل انعدام أدنى طرق لتدابير الحماية الشخصية.
ارتفاع حالات الضنك خلال أول 20 اسبوع في 2020 ولم تتم الاستجابة الوبائية الشاملة
- يفتقر اليمن إلى العدد الكافي من العمال الصحيين ومعدات الحماية الشخصية، إلا أن توفير أنابيب الأوكسجين يعد الاحتياج الأكثر إلحاحا حاليا.
- لا توجد شفافية أو استجابة واضحة للتصدي للوباء حيث لم تطبق سياسة ترقب انتشار المرض عبر أحد أهم طرق حصر الأوبئة وهوعن طريق تعقب المخالطين (contact tracing). وعلى الرغم من سهولة عمل استبيان التعقب ومعرفة المخالطين يبدو أن الموضوع لم يؤخذ بالجدية أو كان هناك تعمد لإخفاء المعلومات وقد رأينا فشل متعدد فيما بعد في أساسيات علمية أخرى في التصدي للوبائيات.
- وجود أمراض مصاحبة كثيرة عند بعض فئات المجتمع وإذا لم تتلق العلاج الصحيح في الوقت المناسب مثل الكوليرا والملاريا والدفتيريا والضنك وأمراض سوء التغذية والالتهابات التنفسية البكتيرية فإنها تعد قاتلة بحد ذاتها وإذا اقترنت الكورونا بها فهي كارثة مجتمعية كبيرة.
- وجود الأمراض المزمنة وضرورة الاعتناء بها خلال فترة، نظرا لانتشارها ولخطورة حصول المضاعفات من كوفيد-19 لمن يعاني منها.
نشر 333 فريق استجابة سريعة في 333 مديرية وإنشاء 38 وحدة عزل بسعة 6 – 20 سرير
- تم التخطيط ونشر عدد 333 فرق الاستجابة السريعة لفيروس كورونا المستجد -كوفيد19 في 333 مديرية وتم تجهيز وإنشاء عدد 38 وحدات عزل لكن ما هو جاهز للعمل أقل من ذلك وبسعة سريرية تتراوح ما بين 6- 20 سرير لمواجهة فيروس كورونا المستجد –كوفيد19 بحسب ما أدلت به منظمة الصحة العالمية.
- رغم وجود خطة وطنية حكومية للاستعداد والاستجابة لجائحة كورونا منذ شهرين شارك فيها خبراء وطنيين واستشاريين يمنيين فإن بلورة وتنفيذ هذه الخطة قوبل بعراقيل وتقاعس في التنفيذ من قبل القائمين الأمر سواء بالجنوب أو الشمال بسبب المهاترات السياسية.
الوضع السياسي
- إن نصف المرافق الصحية باليمن إما أنها لا تعمل إلّا بشكل جزئي أو أنها لا تعمل بتاتا و18٪ من 333 مديرية في اليمن ليس لديها طبيب واحد يغطي احتياجاتها، والدولة المنقسمة التي تسيطر عليها مختلف الفصائل المسلحة لا يوجد لديها أبسط الأساليب للتعامل مع الوباء.
18 بالمائة من 333 مديرية تم اختيارها ليس لديها أي طبيب يقوم بتغطية احتياجاتها
- استخدام الأجهزة الأمنية بالشكل الصارم أدى إلى خلق ممانعة وخوف ووصمة مجتمعية تجعل من الصعوبة أن يتعاون المواطنين في المشاركة لمكافحة الوباء، وأدت إلى فقدان الثقة والشفافية بينهم وبين حكومة الأمر الواقع.
- هناك مشكلة عالمية في توفير العلاجات والأدوات الوقائية، ومما فاقم الأمر مشكلة إيصالها – إذا وجدت- إمّا بسبب الحصار الذي فرضته الحرب أو بسبب إجراءات الحظر.
الوضع البيئي والاقتصادي
- ساهمت الفيضانات الأخيرة في جميع أنحاء البلاد في تفشي الملاريا وحمى الضنك والشيكونغونيا التي ينقلها البعوض. في الأشهر الستة الأولى من عام 2019 تم تسجيل نحو نصف مليون حالة كوليرا مشتبه بها. في حين أن اليمن لم تشهد تفشي وباء الكوليرا هذا العام، إلّا أنه ما يزال يمثل خطرًا في بلد يفتقر فيه أكثر من 80٪ من السكان إلى المياه الصالحة للشرب. وكذا ارتفعت حالات الضنك والملاريا بشكل ملحوظ عما كانت عليه في الأعوام السابقة.
تمثّل الكوليرا خطرًا على اليمن بسبب أن 80 بالمائة من السكان يفتقرون للمياه الصالحة للشرب
- هناك نقص في إمدادات الصرف الصحي والمياه النظيفة. إن نصف المرافق الصحية فقط تعمل بكامل طاقتها كما أن عديد من العاملين الصحيين وعمال الإغاثة في الخطوط الأمامية ليس لديهم معدات واقية، ومعظمهم لا يتلقون رواتب أو حوافز.
- التعتيم والانكار غيّب أهمية اتخاذ التدابير الوقائية وقلل الحرص والوقاية في التعامل مع الوباء بشكل صحيح، الأمر الذي كان من شأنه تخفيف العبء مبدئيا على القطاع الصحي المتهالك.
- الخطوات المذكورة ليست مسؤولية الأطباء أو الكادر الصحي على مستوى المستشفيات او المراكز فقط وإنما هذه خطوات يجب أن تتخذ على مستوى صانعي القرار في كل المؤسسات ووزارة الصحة في صنعاء أو عدن.
المحور الثاني: التوصيات
في حالة عدم وجود الإرادة السياسية المحلية والدولية على وقف الحرب فيجب العمل بقوه لدعم هدنة طويلة الأمد لجميع الأطراف وتشكيل لجنة طوارئ عامة لإصلاح نظام الحوكمة وتنشيط النظام الصحي والاقتصادي والسياسي والمجتمعي.
توصيات للحكومة
- إدارة مكافحة جائحة كوفيد-19 هو دور حكومي بالمقام الأول ودور المنظمات هو دور داعم ورقابي بإشراف الجهات الدولية المختصة وعلى الجانب الحكومي تحمل مسؤوليته.
- لابد من وجود آلية واضحة ومسؤولة لتقسيم وتحديد المهام على المستوى المركزي والمستوي الطرفي بحيث تضمن التوزيع الشامل والعادل للموارد الصحية مثل أجهزة التنفس الصناعي وأدوات الترصد وأدوات الحماية الشخصية.
- يجب أن تعمل كافة الأطراف على دعم الخطة الوطنية الشاملة لاحتواء الكورونا وتُحدّد فيها مهام ومسؤوليات كل طرف بشفافية عالية ويجب تفعيل وضع استراتيجية تنفيذية وعملية مرافقة للخطة الوطنية بما يتلاءم مع خطورة تفشي الوباء في كل المحافظات.
توصيات للمانحين والشركاء الدوليين
- الاسراع الحثيث والوفاء بالتعهدات المالية واللوجستية لضمان عدم انهيار النظام الصحي المتهالك وتحديدا التعهدات المرصودة لمواجهة جائحة كوفيد-19.
- تبني آلية واضحة للمراقبة الدورية لأداء المنظمات الدولية العاملة في اليمن من خلالها يتم معرفة المعوقات وحلها أولا” بأول مع ضمان إشراك منظمات المجتمع المحلي.
- يجب مناقشة كيفية وصول المساعدات إلى مستحقيها بخطة واضحة وشفافة ومسار محدد نظرا لوجود التقارير التي ذكرت سوء استغلال المساعدات.
- تفعيل دور المؤسسات المحلية الفاعلة مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة لإسناد الدور الحكومي والاستفادة من البنية التحتية الواسعة لهذه المؤسسات لمساعدة الفئات الاكثر ضعفا والفئات البعيدة في المناطق النائية والتي لا يشملها أي نظم للرعاية الاجتماعية والصحية الأساسية.
- على الحكومة والمجتمع الدولي البحث عن البدائل المحلية وتفعيل دور شركات القطاع الخاص بالتدريج “تحديدا” لاستمرار انتاج مواد أدوات الحماية الشخصية والأدوية والمستلزمات الطبية نظرا لبطء عمليات الشراء الدولية ودعم المشتريات الصحية المحلية المتوفرة لدعم السلعة والاقتصاد المحلي (مصنع الأوكسجين ومصانع المعقمات) مع تفعيل دور الرقابة والجودة.
- تزايد نسبة البطالة بما يعادل 50% لذلك يجب دعم مشاريع وبرامج فاعلة ومستدامة لتوفير فرص العيش للشباب عوضا عن الانخراط في أنشطة مسلحة.
- الحديث عن مواجهة كوفيد-19 لا يقتصر على جهود الصحة وإنما أيضا جهود دعم سُبل العيش وإنتاج ودعم الأمن الغذائي للمجتمع وأيضا جهود دعم شبكة الأمان الاجتماعي وغيرها.
- استمرارية الدعم للمرافق الصحية وتأهيلها لمواجهه كوفيد-19 من حيث تعزيز قدرات المختبرات والترصد الوبائي وتدابير منع العدوى وبناء قدرات العاملين الصحيين وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية وتعزيز نظام الفرز وحوافز العاملين الصحيين.
- الضغط على سلطات الأمر الواقع لدفع رواتب العمال الصحيين ومعالجة أوضاع العاملين الصحيين.
- الضغط على السلطات القائمة بالبلد للتعامل بشفافية حول حجم انتشار الوباء ومشاركة البيانات المحدثة (خاصة سلطات الشمال).
- يجب أن يكون هناك خطط استجابة شاملة للوبائيات المنتشرة بكافة المحافظات اليمنية بما يضمن توفر حلول مستدامة للقضاء على مسببات الأمراض المعدية.
د. ذكرى النزيلي، هي استشارية أول للصحة العامة وطب الأطفال، حائزة على جائزة الخدمة المتميزة للنساء” تقديراً لدورها في مكافحة الأمراض المدارية المهملة كأول امرأة تحصل على هذه الجائزة الدولية المرموقة، عضوة المجموعة الاستشارية لمحاربة كوفيد 19
ا. فائزة أحمد السليماني، هي مديرة الاتصال والشراكة والمعرفة في وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر SMEPS عضوة المجموعة الاستشارية لمحاربة كوفيد 19
د. عبداللطيف الواقدي، هو أخصائي وبائيات تطبيقية، منسق اللجنة العلمية في مبادرة أطباء اليمن في المهجر
التعليقات مغلقة.