الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 2023 أو حرب حماس وإسرائيل التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 ومازالت مشتعلة حتى لحظة كتابة هذه المقالة، لا تتوقف تأثيراتها عند حدود غزة بل تمتد إلى كل بقاع العالم، ومن السذاجة حصر خسائرها فقط في أرقام الضحايا ومؤشرات الاقتصاد.
في هذه المقالة نحاول إلقاء الضوء -باستخدام جوجل ترند– على شكل آخر للخسائر الناجمة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 2023، خسائر الأفكار والقناعات والمواقف، وكيف يعيد هذا الصراع في 2023 تشكيل مواقف وآراء الشباب العربي-بشكل سلبي- تجاه السلام والتعايش السلمي.
انعكاسات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 2023 على اللغة المستخدمة في البحث: يهود أم إسرائيليين؟!
يتضح من الشكل (1) كيف ارتفع استخدام مفردة “يهود” (اللون الأحمر) بعد السابع من أكتوبر، وهو إشارة إلى ارتفاع في حدة الكراهية والاستقطاب الديني، باعتبار أن استخدام مفردة “إسرائيليين” (اللون الأزرق) تنطوي على اعتراف وتسامح ما، بعكس مفردة “يهود”
تتبع مستوى الاهتمام وطبيعته بعد اندلاع حرب حماس وإسرائيل 2023
من خلال جوجل ترند يمكننا ملاحظة أنه قبل السابع من أكتوبر كان الاهتمام بالتعرّف عن اليهود أمر ثابت وغير ذي أهمية. لكن بدأ الاهتمام يتصاعد بعد السابع من أكتوبر، ليصل الذروة في 30 أكتوبر.
ذلك يعني إلى أن الصراع العسكري أدى إلى خلق رغبة عميقة في فهم الآخر.
لكن.. أي فهم سعى إليه هؤلاء الذين أجروا عمليات البحث هذه؟
نستطيع الإجابة على هذا التساؤل من خلال استكشاف طلبات البحث ذات الصلة كما تظهر في جوجل ترند
انعكاسات الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 2023 على نوع المحتوى المتعلّق باليهود
عقب السابع من أكتوبر 2023 اقترنت عمليات البحث عن المحتوى المتعلّق باليهود بخمسة أمور مختلفة هي كالتالي:
طلب البحث: هتلر عن اليهود
الذين قاموا بإجراء عمليات البحث باستخدام هذه العبارة هم يسعون لفهم الكراهية او لشرعنتها بالأصح وتمجيد العنف، من خلال قراءة مقولات هتلر عن اليهود يبحث القارئ عن قواعد وأفكار يحتج بها في تبرير الكراهية وتمجيد العنف ضد اليهود.
كما أن استخدام هذه العبارة هو أيضًا إشارة إلى رغبة في التوحد في سياق “عالمي” يُجمع على اعتبار اليهود “أشرار” كطريقة لتمجيد “ما حدث في السابع من أكتوبر”
من خلال جوجل ترند نستطيع أن نرى بوضوح أن الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يقد فقط إلى استدعاء التاريخ العنفي للبشر بل إلى تمجيده أيضًا
طلب البحث: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود
الذين قاموا بإجراء عمليات البحث باستخدام هذه العبارة هم يسعون لتعزيز قناعاتهم الذاتية بحتمية الصراع وألا أفق للسلام، من خلال قراءة هذا النص الديني واستكشاف معانيه ودلالاته.
من خلال جوجل ترند نستطيع أن نرى بوضوح أن كل عنف يندلع بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يخلق مناخاً يساعد في ولادة نيلسون مانديلا جديد، بل مناخ يساعد في ولادة أسامة بن لادن جديد
طلب البحث: الدعاء على اليهود
الذين قاموا بإجراء عمليات البحث باستخدام هذه العبارة هم غالبا من الذي يشعرون بالعجز والخذلان.
حاولوا المشاركة في الصراع لكنهم لا يملكون إلا الدعاء، لذا هم يبحثون عن صيغة أكثر “إيلاما”!
وهو ما يكشف عن الخيال الفقير السائد في تفسير واستنباط آليات للتعبير عن الرفض والإدانة والمقاومة والتضامن.
من خلال جوجل ترند نستطيع أن نرى بوضوح مدى حاجتنا الملحة إلى ثقافة وخيال مدني ولا عنفي للتعبير والفعل.
طلبات البحث الأخيرة (الرابع والخامس): عدد اليهود في فلسطين، وتاريخ اليهود في فلسطين
الذين قاموا بإجراء عمليات البحث باستخدام هذه العبارات هم عقلانيون، يسعون الى فهم الصراع الدائر في سياق الحقائق والمعلومات، تحيزهم واضح من خلال النظر” لليهود” كأقلية ودخلاء، لكنهم يسعون لبناء معرفة منهجية قائمة على فهم الواقع وليس على تجاهله أو إنكاره
من خلال جوجل ترند نستطيع ان نرى بوضوح إننا من خلال المعلومات والحقائق نستطيع رسم منظور جديد للصراع لا يرتكز على الدين بل على الحق والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية.
خاتمة حول انعكاسات الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 2023
سوف تنتهي هذه الحرب المجنونة حتماً
لكن ثقافة العنف التي غذّتها هذه الحرب لن تموت عند إعلان وقف إطلاق النار
سوف تنتهي هذه الحرب الهمجية والوحشية حتماً
لكن الغضب والسخط لن يموت
وأعداد الذين يسقطون لن يتناقص
فحياة غير عادلة هي أمر يتساوى مع الموت
سوف تنتهي هذه الحرب العبثية حتماً
لكن السلام بحاجة إلى أكثر من مجرد إعلان وقف إطلاق النار
التعليقات مغلقة.