عاملة منزلية: من حضن الطبيعة إلى معتقل الكفيل

غادرت “فيرالاشمي جليمي” الهند متوجهة إلى الكويت كعاملة منزلية في منزل أسرة كويتية.

وصلت في 2012 تاركة بلادها الغنيّة بالطبيعة وثلاثة أطفال، لا تحلم سوى بتحسين مستوى دخلها المادي ومساعدة أسرتها.

يعتقد العامل المهاجر أنه سيصل إلى بلاد الاغتراب ويستقبله الغُرباء بالأحضان. لكنه منذ اللحظة الأولى التي يصل فيها، يجد نفسه في مكان جديد على خلاف الصّورة الورديّة التي رسمها في مخيلته.

 

رسم لمهام عاملة منزلية.. الغلاف

 

منذ الوهلة الأولى، تشعر أي عاملة منزلية أنها فقدت مجتمعها. أصبحت الآن غريبة في مجتمع يتعامل معك كآلة عمل.

سرعان ما يجبره الوضع على التأقلم مع كونه أداة للعمل دون الاشتراك في أي أنشطة مجتمعية كبناء علاقات اجتماعية مثلا!.

في الكويت تحتل مهنة “عمال المنازل” المركز الأول في أعلى المهن التي تشغلها العمالة المهاجرة، بحسب إحصائية “الهيئة العامة للمعلومات المدنية” التي أوردت باللفظ كلمة “خادم” عند الإشارة إلى العاملين والعاملات في هذا القطاع. فيما تأتي في المرتبة الثانية مهنة “سائق سيارة خاصة” التي تندرج ضمن العمالة المنزلية أيضاً.

تقول “الهيئة العامة للمعلومات المدنية” إنه وحتى نهاية العام 2017 بلغ عدد العاملين في المنازل 669000 عامل منزلي، أي ما يعادل 27 ٪ من إجمالي عدد العاملين. وفيما يبلغ عدد المواطنين 30٪ من التعداد الإجمال للسّكان فإن هذا يعني أن لكل مواطن عاملاً منزلياً واحداً.

 

عاملة منزلية في الكويت

وصلت “جليمي” إلى مطار الكويت، تمّ استقبالها ونقلها إلى موقع العمل “المنزل”. كان المكان بالنسبة لها أشبه بمعتقل؛ إذ عوملت كما لو أنها أتت من سوق النخاسة وليس بغرض العمل. زُجّت في المنزل للعمل ساعات متواصلة بلا راحة، وبدون أجر. منذ وصولها فوجئت بسحب جواز سفرها وهاتفها النقال ومنعها من التواصل من خلاله سوى في أوقات الليل المتأخر ولدقائق معدودة.

العمالة المنزلية في الكويت تعاني من مشاكل متشابهة. أبرزها طول ساعات العمل بدون راحة والعمل لفترات طويلة من دون أجر، والحرمان من الحصول على إجازة سنوية. هذا التعامل دفع الحكومة إلى إنشاء إدارة “العمالة المنزلية” التي تتبع الإدارة العامة لشئون الإقامة بوزارة الداخلية؛ من أجل أن تتولّى الاهتمام بقضايا عمال المنازل والحفاظ على حقوقهم.

نهاية العام 2017 أعلنت الإدارة أنها استقبلت 2068 شكوى منها 1624 شكوى من أصحاب الأعمال و81 شكوى من مكاتب استقدام، فيما اقتصرت شكاوى العمالة المنزلية على عدد 363 شكوى أي بواقع شكوى واحدة لكل يوم. مع العلم أن الكثير من العمالة المنزلية لا يقدمون الشكاوى ضد أصحاب العمل؛ حتى لا يخسروا مصدر رزقهم، أو لعدم معرفتهم بالإدارة لأسباب تتعلق بلغتهم غير العربية.

العديد من عمّال المنازل لا يتمكّنون من زيارة إدارة “العمالة المنزلية” لتقديم الشكاوى. “جليمي” مثلاً لم تكن قادرة على تقديم الشكوى بسبب منعها من الخروج؛ لكن إحدى صديقاتها أبلغت الجمعية “الكويتية لحقوق الإنسان” عن حالتها. قامت الجمعية بمخاطبة إدارة “العمالة المنزلية” وإبلاغها عن هذا الانتهاك القانوني وضرورة أن يتم التحقّق من هذا الموضوع وإيجاد حل.

بالنسبة إلى “جليمي” فهي لم تكن راغبة في أي شيء من الحقوق المنصوص عليها في بنود القانون، ما عدا استرداد جواز سفرها والحصول على تذكرة سفر للعودة إلى وطنها وأطفالها الثلاثة. لم تعد راغبة في العمل في ذلك المنزل الذي حرمها من التمتع بحياة عادية لعاملة. لقد كانت خمس سنوات قاسية ذاقت خلالها طعم العبودية وانهارت أحلامها بتحسين الدخل المادي لأسرتها ومساعدة أطفالها.

في 18 أبريل/ نيسان 2018 غادرت “جليمي” الكويت، تعلو وجهها فرحة معانقة الحرية.

تحررت أخيراً بالكامل من قبضة الكفيل الذي أرغمته إدارة “العمالة المنزلية” على دفع كافة مستحقاتها التي فاقت 2500 دينار كويتي (حوالي 7500 دولار أمريكي). إن في استطاعتها الآن أن تستأنف حياتها وتبدأ بداية جديدة.

 

قانون العمالة المنزلية

..

تم نشره على  ميجرنتس رايتس في 25 ابريل 2018 تم إعادة نشره تفاعلًا مع الذكرة العاشرة ل #يوم_العمالة_المنزلية

التعليقات مغلقة.